"ليبانون ديبايت" - روني ألفا
جزءٌ مِن الشّعب هوَ الجيش الذي يُعاني ويَجوع. مواقِف أطلَقَها قائدُ الجيش لا بدَّ من التوقّف عندَها. محاولاتٌ عن سابِقِ تصّور وتَصميم أو غير متعمَّدَة لا فَرق أدَّت أو كادَت تؤدّي في المرحلَة الأخيرَة إلى إستِحداث ثقوب معنويَّة كبيرَة في الجدار الحامي، جدار الجيش.
تصويرُهُ حامِياً للنّظام فَحَسب. لا بأس أن تَكون مهمّة الجيوش في العالَم الحِفاظ على الأنظِمَة وهذه المهمّة ليسَت تهمَة. إنَّما إختِزال المهمّة بالحِفاظ على النّظام في محاولَة خبيثَةٍ لفكّ إرتِباط المؤسسة عَن الشّعب فهذه مؤامَرَة على الجيش. موقف قائد الجيش نهار أمس كرَّسَ مَفهوم حمايَة الجيش لشَعبِه كَمفهومٍ أساس وكعقيدَةٍ غير عرَضيَّة. أن يَجوعَ العسكَريُّ ويُعاني فهذا يضعَهُ في مرتبَةِ مواطِن صالِح قبلَ أن يَضعه في رتبَة ضابِطٍ أو رتيبٍ أو رَقيبٍ أو جندي.
يا حضرَة المسؤولين إلى أينَ أنتم ذاهبون؟ ماذا تَنوون فعله؟ سؤالان طرحهما قائِد الجيش. أن يَكونَ السؤالان مُذيَّلين بِعلامَة إستِفهام لا يَعني أنهما لا يَرقَيان إلى أكثَر مِن عَتب. السؤالان في هذا الإطارِ يشكّلان إضاءَةً واضِحَةٍ على عتمَة ضَميريَّة وفساد أخلاقي ينخرُ أوصالَ دولَةٍ تتحلّلُ بسرعةٍ قياسيَّة. المسؤولون في الدولَة أي كلّ صاحِب قَرارٍ وسلطَةٍ وقدرَةٍ في كلّ مندَرجاتِ الهَرَم الإداري والسياسي. سؤالانِ بحاجَة إلى أكثَر مِن جواب. عمليَّة إنقاذ فوريَّة مَطلوبَة مِن مسؤولين بلا مسؤوليَّة ورجالٍ بلا رجولَة أخلاقيَّة.
" نحنُ مع حريَة التّعبير السّلمي التي يَرعاها الدستور والمَواثيق الدوليَّة ". كلّ ما يمكِن أن يُقال لشعبٍ يتحمَّل ما لا يحتَمَل. شعبٌ يتابَّطُ جوعَه وخوفَه وفقرَه ويرافِقه إلى شارِعِ أو زقاقٍ يصرخُ فيه ثورَتَه على الطبقة الفاسِدَة والمفسِدَة. شعبٌ يخاطِبُهُ الجيش بوضوحِ الحريَّة وبِحزمِ المسؤوليَّة.
مَن يتابِعُ وقائِعَ غَضبِ الناس في اليومين الأخيرَين يعلَمُ تَمامَ العِلم أي هامِش تُتيحُه ديمقراطيَّتُنا، أيُّ حِمايَةٍ يقدِّمُها الجيشُ لَه. في إطارِ ما قيل فَهِمت الناس أنَّ الجيشَ يسمَعُ وينصِتُ ويفهَمُ ويتعاطَفُ وأنَّه عندَما يَكونُ عَلى الأرصِفَة يكونُ أيضاً مَع الناس. ةعندَما يقترب الناسُ منه يضعرُ أنه منهم ولَهم . الجيشُ هوَ المؤسسةُ الوَحيدَة القادِرَة على أن تَكون وجهاً لِوجه مع الشَعب دونَ أن تَكونَ في مواجهةٍ معه. محاولات حَثيثَة جُرِّبَت لضربِه مع ناسِه فعانَقَه الناس والتَحموا مَع جيشِهِم أكثَر.
يريدونَ الجيش أم لا؟ كلّ سَنَة يُخفّضونَ موازنَتَه. دولَة تَجبي الضّرائِب والرّسوم وتسخِّر المَوارِد والأموال في موازنَتِها لتقسّمها قوالِب جبنَة على ملوك الطّوائِف المستأثرين بالوزارات والإدارات العامّة والمَجالس والصناديق. دَولَة صَناديق ليسَ إلا. أمّا الجيش الذي مِن المَفروض توفير كل مستلزماتِه فليس في أولويَّة الدّولَة. ضربٌ لِأعمِدَةٍ أساس في الوَطَن يدكّها المسؤولون وكأنّهم يهدمون بناءً متداعياً غير متنبّهين أن الجيش ليسَ عموداً أساس فحَسب بِل عَموداً كيانيّاً. إذا كسرَوا الجيش كسَروا الكَيان. كانَ قائدُ الجيش حاسِماً هنا ايضاً. لَن ينالوا مِن الجيش. لَن ينالوا مِن الكَيان.
" يُريدونَ الجيش مِطواعاً في أيدي السياسيّين وهذا لَن يحصَل ". مَن يتابِع أحوال الجمهوريَّة يعرِفُ محاولات وَضع اليَد على الجيش. الضّغط على قيادَتِه تاريخي ومتوارَث. إما ترضَخ قيادَتُه فتقضي ولايتَها بسلام وإما ترفضُ المساس بالقرارت السياديَّة داخِلَه فتصبِح في مرمَى الإتّهامات. الجيش في عهد جوزاف عَون على ما يتضِّح مِن خلال الوَقائِع هو مؤسَّسَة مستقلَّة وسيدَّة لِقرارِها. عدَمُ تَعريضِها لتدخّلات السياسَة تَعييناً وتَشكيلاً وترقيةً وتَطويعاً حوّلَ قائدَها إلى شخصيَّة غيرَ مستحبَّة لَدى كارتيلات المحاصصة وتجّار المناصِب والكَراسي. كان كلام القيادَة حاسِماً. لَن نسمَحَ بأن يَكون الجيش مكسَر عَصا لإيٍ كان.
كلام قائد الجيش لن يمرّ موقِفاً عرضيّاً. تداعياتُهُ سَتكونُ على المَدى منعَطَفاً للبنان ننتَظرهُ بفارِغ الصّبر. نهارٌ يَكونُ فيه الجيش قوةً تأسيسيَّة.
اخترنا لكم



