المحلية

ميشال قنبور

ميشال قنبور

ليبانون ديبايت
الجمعة 12 شباط 2021 - 04:00 ليبانون ديبايت
ميشال قنبور

ميشال قنبور

ليبانون ديبايت

صوّان يُخالِفُ "القواعد والأخلاقيّات القضائيّة"... فَهل يتنحى؟

صوّان يُخالِفُ "القواعد والأخلاقيّات القضائيّة"... فَهل يتنحى؟

"ليبانون ديبايت" – ميشال قنبور

لِحظّه "العاثر"، تحوَّل الموظف "البسيط" في مرفأ بيروت جوني جرجس بين ليلة وضحاها من ربٍّ لعائلةٍ مُكوّنة من زوجة و3 أطفال يَسهر على راحتها، إلى "معتقل" خطير يَقبع في سجن الريحانية، بتهمة "قتل أبرياء وتدمير عاصمة!".

جرجس يعمل في المرفأ كـ "ساعٍ موّرد" مسؤوليته تنحصرُ في تأمين عروض الأسعار للمُشتريات "البسيطة" التي تحتاج إليها اللجنة الموقّتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت وبحكم عملهِ يقضي معظم الوقت خارج المرفأ.

قبل أسبوعين من إنفجار 4 آب "المُدمّر" وبطلبٍ من مديره أوصل جرجس المهندسة نايلة الحاج إلى العنبر رقم 12 مرتين، وفي مرّة أخرى طلبت منه الحاج، الذهاب إلى العنبر وإيفادتها حول ما إذا كان تجري أيّة اعمال صيانة، فأفادها في حينه انه لا "أعمال".

نايلة الحاج الموقوفة أيضاً، وهي مهندسة لبنانية "لامعة" خريجة جامعات فرنسا، عَملت هناك لعدة سنوات ولكن سوء طالعها كما الموظف جرجس، أنّ شركتها الفرنسية العالميّة التي انضمّت اليها الحاج منذ عامين، أوكلتها مهمة التأكد من أنّ أعمال صيانة العنبر رقم 12 مُطابقة للمواصفات، دون أن يكون لها أي علم بما يحتويه العنبر.

إتّهم القضاء اللبناني جوني جرجس بجرم "الإهمال القصدي الذي أدّى الى وفاة أشخاص، بالرّغم من انّ لا علاقة له مُطلقاً بإدخال الـ 2700 طن من نيترات الامونيوم ولا بتخزينها ولا كان يعلم بوجودها ولا يدري بإستخدامات نيترات الأمونيوم سواء العسكرية ام الزراعية، فدوره كان ينحصر فقط بإيصال المهندسة الى العنبر "المشؤوم"، فحوله القضاء الى "مجرم خطير" ناسباً اليه جرائم هو ابعد ما يكون منها.

المُحقق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان لم يسجن جرجس فقط بل وضع معه عائلته في سجن أبوابه مفتوحة حيث العيش به أمسى أصعب. والده مُصاب بداء السكري وأصبح المرض يُهدِّد حياته بينما أولاد جوني الثلاثة والتي تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسابعة، تم إخبارهم انّ والدهم مُسافر لتأمين لقمة عيشهم، ويُسمَح لهُ بمهاتفتهم مرتين في الاسبوع لبضعِ دقائق فقط.

حاول والد جوني التواصل مع القاضي صوّان عبر زيارته في مكتبه، فتوجّه في إحدى الأيام إلى قصر العدل برفقة شقيق جوني وانتظر في السيارة لبضع ساعات، كونه لا يستطيع الوقوف لأسباب صحيّة، لعلّه يحصل على لقاء مع المحقق العدلي ليشرح له "الظلم الكبير" الذي يعاني منه ولده. إلّا انه لم يظفر بهذا اللقاء، تحت حجّة ان القاضي صوّان لا يريد الإلتقاء بأحد من أهالي الموقوفين، ويرفض رفضاً قاطعاً لقاء أيّ منهم بالرغم من المحاولات العديدة التي يقومون بها.

وفي المقابل، إجتمع القاضي صوّان علناً مع أهالي الضحايا، الذين يملكون رقم هاتفه ويتحدثون إليه دورياَ ويضعهم بأجواء التحقيقات، بالرغم من انهم فريق في الدعوى، خارقاً بذلك أهم صفات القاضي وهي الحياد والمساواة وعدم التمييز بين المُتقاضين.

إنّ كلَّ ما سبق إذا ما دلَّ على مخالفاتٍ قانونية، فإنه ممّا لاشك فيه يدلُّ على عدم إحترام القاضي صوّان لـ "نُظم وقواعد أخلاقيات القضاة" المُوقع بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى والمعمول بها منذ العام 2005 والذي ينصُّ بشكلٍ واضح على القواعد الاساسية لأخلاقيّات العمل القضائي وأبرزها التجرّد (ومعه الحياد والمساواة) والنزاهة.

فينصُّ دليل "القواعد والنظُم" هذا في إحدى فقراته على أنهُ "إذا كان الحياد وجهاً من وجوه التجرّد، فالمساواة هي وجه من وجوه الحياد، ويتجلّى مبدأ المساواة بإمتناع القاضي عن الانحياز إلى هذا أو ذاك من المتقاضين...".

وهنا السؤال للمحقق ولمجلس القضاء الأعلى وللتفتيش القضائي، أين الحياد والمساواة عندما يصادق القاضي صوان أحد الفرقاء في الدعوى الجزائيّة ويرفض حتى لقاء الفريق الاخر؟ أين الأمان القانوني، وتأكيد رفعة القانون لتأكيد خضوع الناس لسلطانه "المجرّد" على حد سواء؟ مما أدّى الى حسم عدد من أهالي الموقوفين وبشكل قاطع قرارهم، بتقديم طلب لنقل الدعوى للارتياب المشروع نتيجة الانحياز الفاضح للقاضي صوان، في حال لم تبادر المراجع القضائية المختصة من تفتيش قضائي ونيابة عامة تمييزية الى تدارك الموضوع وإيجاد حل لاعتقال ذويهم دون وجه حق، فقط من اجل إرضاء الرأي العام.

هل ما قام بهِ صوّان يُشكّل حَرجاً لهُ أقلّه رأفةً بأرواح الشهداء والأطفال، فيتنحى؟! وهل سَتشهد بالتالي التحقيقات التي "انحرفت" عن مسار البحث عن الجهة الذي أدخلت نيترات الامونيوم الى بيروت تصويباً بدل التلهي بتوقيف موظفين معظمهم لا "ناقة لهم ولا جمل"، ذنبهم الوحيد ان هناك سلطة تُريد إنهاء التحقيق بسرعةٍ، بغض النظر عن صفة الموقوفين، فهي تبحث فقط عن "كبش فداء" خوفاً من مجرم دمَّر بيروت وقتل أهلها وشرَّد سكانها ولا يزال طليقاً وربما... يتجوَّل بيننا؟!

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة