"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
كشفت أوساط وزارية في حكومة تصريف الأعمال، أن مساران يتحكّمان بالملف الحكومي وبالمشاورات الجارية في باريس وفي بيروت، الأول في العاصمة الفرنسية حيث تواصل خلية الأزمة التي شكّلها الرئيس إيمانويل ماكرون، العمل على إطلاق مرحلة جديدة على الساحة اللبنانية من خلال تشكيل "حكومة مهمة"، والثاني في بيروت، حيث تتزاحم عوامل التوتّر والتشدّد مما ينذر بزرع العقبات أمام الرئيس المكلّف مصطفى أديب، وبالتالي، تأخير ولادة الحكومة العتيدة، وذلك، في ضوء حال الترقّب لارتدادات العقوبات الأميركية على الوزيرين السابقين النائبين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. ورأت هذه الأوساط، أن هذه الإجراءات الأميركية العقابية تستهدف الدينامية الحكومية المسجّلة على مدى الأيام الماضية، حيث كان من المتوقّع صدور نتائجها في عطلة الأسبوع الجاري، تزامناً مع اقتراب انتهاء المهلة الزمنية التي حدّدتها المبادرة الفرنسية.
وأضافت الأوساط نفسها، أن الأطراف السياسية قد حسمت قرارها بالنسبة للمشاركة، فالمعارضة امتنعت عن الإنخراط في أي نقاش حكومي، باستثناء توافق كل أركانها على وجوب تشكيل حكومة غير سياسية تتولى مهمة الإنقاذ، فيما قرّر الثنائي الشيعي التمسّك بحقيبة المال، بعدما رفض البحث بأي صيغة تؤدي إلى تسمية شخصية يرضى عنها هذا الفريق، وتتمتّع بالحيادية، من أجل تولّي هذه الوزارة، بينما يعتبر "التيار الوطني الحر" أن الهدف اليوم هو تنفيذ الإلتزام الذي قطعه رئيس الجمهورية ميشال عون للرئيس ماكرون، بتذليل كل العقبات أمام ولادة الحكومة الجديدة.
لكن الأوساط الوزارية ذاتها، لفتت إلى أن جدول الأولويات قد شهد تغييراً في الساعات ال48 الماضية، حيث أن المفاجآت ما زالت متوقّعة من قبل القوى السياسية والحزبية المحلية، خصوصاً وأن الغموض ما زال يحيط بكل تحرّكات الرئيس المكلّف وبمشاوراته التي يحرص على أن يجريها بعيداً عن الإعلام. وأكدت أن الإلتباس حول مسألة توزيع الحقائب ما زال قائماً في ظل تمسّك الرئيس المكلّف بموقفه لجهة الإحتفاظ بهامش من الإستقلالية والحرية في تسمية الوزراء، بينما في المقابل، ترفض القوى السياسية تجاوزها وإدخال تغييرات على المعادلات القائمة، لا سيما بعد العقوبات الأميركية المفروضة والتي تنطوي على استهداف مباشر لهذه المعادلات، مع العلم أن الجهتين اللتين استهدفتهما العقوبات تقومان بدور ذات طابع توفيقي على الساحة الداخلية، وهو ما قرأت فيه الأوساط، سلوكاً أميركياً مناقضاً للسلوك الفرنسي، الذي يذهب في اتجاه التهدئة والإنقاذ، مقابل تصعيد أميركي بدأ مع العقوبات بحق فنيانوس وخليل، ولن ينتهي قريباً، ولن يؤدي بالتالي سوى إلى زيادة صعوبة الوضع في لبنان في المرحلة المقبلة فيما لو أحبطت المبادرة الفرنسية.
ومن هنا، فإن الخطوة الأميركية أتت في سياق منعزل عن المبادرة الفرنسية، على الرغم من تأكيد أكثر من فريق سياسي بوجود تناغم بين باريس وواشنطن على المحور الحكومي في لبنان، كما قالت الأوساط نفسها، والتي اعتبرت أن تفسيرات عدة قد أعطيت لقرار العقوبات، ولكنها تفسيرات أولية، إذ أن الدفعة الثانية من العقوبات في المرحلة المقبلة، هي التي سترسم مسار الواقع السياسي الداخلي وتوجّهاته، بغض النظر عن عملية تأليف الحكومة.
اخترنا لكم



