المحلية

الثلاثاء 25 آب 2020 - 04:00

الثورة تلفظ القوّات...

الثورة تلفظ القوّات...

"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش

ليست المرة الأولى التي تسعى فيها القوات اللبنانية لتصدّر المشهد. وكأن هناك بداخلها من درس علم صناعة البروباغندا وينشط بين وقت وآخر لسحب الأضواء من كل ما يحصل في البلد ويحوّل حزبه ومسؤوليه، وأحيانًا رئيسه، إلى "ترند" يتابعه الجميع. أحيانًا، تأخذ مسار تصريحات القوات بُعدًا فوقيًا في تصوير الواقع، فيحسب من لا يعلم حجم كتلتهم أنّهم يشكّلون وحدهم الأكثرية النيابية، وباقي الفرقاء في البلد مجتمعين بحاجة لهم للحيلولة دون الخروج من السلطة.

يوم قدّم وزراء القوات اللبنانية استقالتهم من حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2019، سعوا جاهدين للإيحاء أنّهم يشكّلون عصب ما يسمى بثورة 17 تشرين. خرجوا مطالبين بتغيير السلطة متناسين، أو على الأقل محاولين جعل الناس تنسى، أنّهم جزء لا يتجزأ من السلطة نفسها. نسوا ربّما، أو يريدون للناس أيضًا أن تنسى، أنّ تشكيل حكومة الحريري تأخر فعلًا بعد رفضهم جوائز ترضية وزارية مصرّين الحصول على حقائب وازنة. قبل أقل من شهر خرج رئيس الحزب سمير جعجع رافضًا تقديم استقالة نوابه بعد غدر تيار المستقبل والحزب الإشتراكي له ونكثهم بوعدهم كما أوحى. أسقط حينها، وربّما بغفلة من مسؤول ملف البروباغندا لديه، أنه جهد قبل ذلك ليصبغ نفسه بصبعة الثوار المتمايزين عن السلطة، فعاد بقواته خطوات إلى الوراء.

وفي قراءة للواقع، وبحسب استطلاع أجري مؤخرًا، موضوعه الإنتخابات الفرعية المقبلة، يتبيّن أنّ نسبة ما يزيد عن 70% من مناصري الثورة سيحجمون عن التصويت لأي من مرشحيها في حال تحالفها مع القوات اللبنانية. هذا الواقع، يتماهى بشكل كبير مع موقف عدد من المجموعات التي تسعى مؤخرًا لتشكيل تحالف سياسي وثيق يضم نوابًا مستقيلين بينهم حزبيين، يستبعدون بشكل كلي تحالفهم في أي انتخابات مقبلة مع القوات اللبنانية.

يكشف مصدر منهم أنّ شارعهم ورغم عدم احتكاكه بشارع القوات اللبنانية الذي شاركه بالتحركات، إلّا أنّه لا يمكن له تصنيف القوات خارج إطار السلطة وما يحمل تجاهها من علامات استفهام وتعجّب وأن مجموعات الثورة تعتقد بصراحة أنها قادرة على تشكيل حيثية سياسية داخل المؤسسات دون الإشتراك مع القوات! يؤكّد أن القوات سعت طيلة تحركات 17 تشرين إلى استثمار "الثورة" وإصابة الساحة المسيحية تحديدًا بحجرين أساسيين؛ الأول استقطاب كل الخارجين والمنقلبين والناقمين على التيار الوطني الحر، والثاني عدم السماح لحزب الكتائب برفع شعبيته نتيجة تواجده الطبيعي بـ 17 تشرين كونه غادر السلطة قبل فترة طويلة ورفض العودة إليها.

في هذا الإطار لم يحسم هؤلاء خطوتهم المقبلة، بانتظار تبيان جدية حكومة تصريف الأعمال بإجراء الإنتخابات الفرعية من عدمها، ليبنوا على الشيء مقتضاه، إلّا أن الأكيد أنهم يدرسوا المشاركة الإنتخابية ولو على قاعدة القانون الأكثري للوقوف على أحجامهم الفعلية بعد حدثين مفصليين هما 17 تشرين و4 آب. وفي هذا الإطار علم "ليبانون ديبايت" أنه في حال تقرر خوض الإنتخابات الفرعية فستكون في مناطق بيروت الأولى والمتن الشمالي وكسروان، فيما مقاعد الشوف وعاليه وزغرتا ستكون مبدئيًا خارج اهتمامات المجموعات الأكثر فعالية في 17 تشرين ومعهم حزب الكتائب اللبنانية.

في لعبة البازار السياسي الشعبي المطلبي خسرت القوات اللبنانية. ربّما تكون خسارتها لحلفائها السابقين من منطلق مبدئي وقرار ذاتي يتعلق بنظرتها إليهم وعدم ارتياح شارعها للوقوف مجدّدًا مع حلفاء سلطويين، ولكن الأكيد أن خسارتها لشارع الثورة هو قرار تتخذه المجموعات التي لا تجد نفسها مضطرةً أبدًا لمواجهة السلطة بسلاح القوات!

في التقسيم السياسي الجديد بتنا أمام ثلاث قوى أساسية في لبنان: الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، والثورة والكتائب. أما القوات فعليها البحث من جديد عن ساحة تضمّها لا تلفظها.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة