المحلية

الجمعة 21 آب 2020 - 03:50

فرنسا تخيّب أمل الثوّار

فرنسا تخيّب أمل الثوّار

"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش

على عكس ما تشتهي سفن الثورة سارت رياح المجتمع الدولي. الحراك المدني بمكوّناته المتنوّعة راهنت صفوفه على تبدّل في المشهد السياسي يرافق تداعيات انفجار المرفأ واستقالة حسان دياب. تداولوا فيما بينهم أن مطلب الإنتخابات المبكرة وتشكيل حكومة حيادية بات أقرب من أي وقت مضى. صوّروا مشهد لقاء رؤساء الكتل النيابية بالرئيس الفرني ايمانويل ماكرون على أنّها بداية الإنتصار وبدء انتقال سلمي للسلطة. غادر ماكرون لتبدأ معالم زيارته بالإتضاح. كتل المستقبل والإشتراكي والقوات تراجعت عن الإستقالة، ليحافظ المجلس على وجوده وميثاقيته وتنوّعه وتسقط معه واقعية الذهاب نحو انتخابات مبكرة. مطلب الثورة الثاني كان حكومة انتقالية حيادية بصلاحيات تشريعية، فهل ستسقط هذه المرة أيضًا آمال الثوّار إلى غير رجعة؟

تشير المعلومات أن زيارة الرئيس الفرنسي للبنان لم تكن مفاجئة، اذ إن دوائر الإليزيه كانت تدرس بدقة الواقع اللبناني قبل وقوع انفجار المرفأ، وكانت تصل لماكرون تقارير اسبوعية عن الحالة اللبنانية وتصاعد حدة الأزمة الإقتصادية. وبحسب ما تبيّن فإن الإدارة الفرنسية كانت قد دخلت بحوار مع البيت الأبيض حول لبنان، نقلت خلاله للولايات المتحدة رؤيتها بعدم جواز العقوبات والحصار على حزب الله، مقدمة الدلائل أن الضرر يقع على كل اللبنانيين بمن فيهم الجمهور المؤيد للولايات المتحدة والمجتمع الدولي في لبنان، وان اشتداد حدة الأزمة سيأتي وقعه أثقل عليهم كون لحزب الله منافذ عديدة لإدخال المساعدات لمناطقه ليس للباقين وصول إليها. هنا أخذ الفرنسي الملف اللبناني على عاتقه وبدأ البحث قبل الإنفجار بالحلول المقترحة.

لا شك أن ما حصل في مرفأ بيروت سرّع قدوم ماكرون إلى لبنان، ولكن تشير أيضًا المعلومات أن فرنسا ومنذ زيارة وزير خارجيتها جان ايف لودريان أبلغت أكثر من مسؤول لبناني بضرورة الذهاب نحو حكومة "أمتن" من حكومة دياب، يتفق حولها الجميع وتكسب رعاية المجتمع الدولي بهدف الإنجاز والإنجاز فقط. من هنا خرجت الورقة الإصلاحية، والتي تتماهى بشكل كبير مع ورقة حكومة الحريري الإصلاحية، حيث يشير الرأي الفرنسي بوضوح إلى أن تبنّي الإصلاحات أجدى من الفراغ المؤسساتي، وهناك فهم معظم من التقى لودريان وماكرون، واستنتج من قرأ بنود الورقة الإصلاحية، أن فرنسا ربّما لم تكن تتمنى استقالة حكومة الحريري في تشرين 2019، الأمر الذي يتماهى مع دعوات أمين عام حزب الله في حينه!

اليوم، ترعى فرنسا اتفاقًا سياسيًا يتجه لتسمية الحريري أو من يمثله رئيسًا لحكومة تسير بحسب الورقة الإصلاحية المعدّلة، وهو الأمر الذي بالطبع لا يرضي الثورة وأحزابها. نقطة إضافية تؤكد نسف فرنسا لمطالب الثوار وهو تضمن الورقة بند تجاوب البرلمان واقراره للمشاريع الإصلاحية، وبالتالي لم تتبن فرنسا الحرّة مطلب تشكيل حكومة بصلاحية تشريعية.
يراهن كُثر في لبنان على المجتمع الدولي، ولكن واقعية الغرب لا تتلائم دائمًا مع أحلام اللبنانيين. فرنسا اليوم تتمنى تمثيل الثورة في الحكومة، وهو الأمر الذي يمثل ارادة لبنانية منذ حكومة حسان دياب، ولكن رئيس فرنسا نفسه لم يقل لأحد في لبنان: "الثورة أو لا أحد". فخاب أمل الثوّار والحياة السياسية ها هي تستمر.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة