دبابيس

placeholder

جورج طوق

ليبانون ديبايت
الأربعاء 10 حزيران 2020 - 13:18 ليبانون ديبايت
placeholder

جورج طوق

ليبانون ديبايت

"... أنا الغبار على قدميك"

"... أنا الغبار على قدميك"

"ليبانون ديبايت" - جورج طوق

في أواخر العام 2006، أمطرت أطرافٌ مجهولةٌ الفضاء الإلكتروني بآلاف الوثائق الرسمية والمراسلات السرية المتبادلة بين زعامات العالم وقنواته الرسمية. شكّل ذلك منجماً خصباً من الفضائح ومصادر الإحراج لكثيرٍ من قادة العالم ومسؤوليه الكبار، وعُرفت فيما بعد بوثائق "ويكيليكس".

كانت حصّة مسؤولي لبنان من الإحراج والتملّق والإرتهان والإنبطاح وافرةً أكثر من أيّ مكانٍ آخرٍ في العالم. لم يكن أيّ بلدٍ ليسلم من هذا الوفر الهائل في الإحراج، كما حصل في لبنان، لولا الإنعدام التام للكرامة والأخلاق والوطنية عند مسؤوليه.

في العام 1885، اكتشفت إمرأةٌ مصريةٌ في تلّ العمارنة، عن طريق المصادفة، مئات الوثاق والمراسلات الدبلوماسية للعرش الفرعوني مع الممالك والكيانات المحيطة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. كشفت رسائل تلّ العمارنة، المنقوشة على ألواحٍ طينيةٍ، عن شكل العلاقات الدبلوماسية بين "أخناتون" وبين ملوك وأمراء الشرق القديم، لا سيّما الضعفاء منهم، وحَوت بغالبيتها على الكثير من التملّق والتبجيل للملك المصري واستجداء الشرعية والدعم العسكري والسياسي والمادي منه. كانت حصّة ما يعرف بلبنان اليوم من الذل في "تلّ العمارنة ليكس" وافرةً أيضاً.

منذ بضعة أيّام، انشغل وسائل التواصل الإجتماعي والإعلام بما أورده النائب إيلي الفرزلي عن توزير جبران باسيل في حكومة سعد الحريري في كتابه "أجمل التاريخ كان غداً" عن حقبةٍ من تاريخٍ غير جميلٍ للبنان ما بعد الطائف. "أريد الإنتهاء من الحكومة اليوم". رئيس غير لبناني يطلب، بصيغة الأمر، من نائبٍ ممانعٍ لبنانيٍّ، إنجاز تشكيل حكومةً لبنانية.

"ليس لميشال عون ولد صبي. جبران باسيل صهره كإبنه. يريده وزيرًا...". رئيسٌ وملكٌ غير لبنانيّين يتبادلان أطراف الحديث عن رئيس قويٍّ لبناني وصهره السيادي. ليس هناك ما هو أسوأ من هذه الإستباحة لسيادة لبنان بعون مسؤوليه وتبعّيتهم إلّا اعتبار غياب ولدٍ "صبي" لأحدهم أمراً مثيراً للشفقة، ويستوجب تعويضه بتوزير صهره، رغم نعمةٍ من بناتٍ ثلاث.

قد يجد المُستغرب اليوم من استجداء الوزير باسيل لوزارته من قياداتٍ إقليميةٍ شيئاً من الإيضاح في رسائل الذلّ والتبعية من أمراء جبيل وبيروت وصيدون وصور للملك المصري والتي كشفها أرشيف تلّ العمارنة. قد يفهم أنّ ارتهان زعامات لبنان هو مرضٌ تاريخيٌّ ومزمن.

بين سطور الرسالة "AO-141" من الملك البيروتي "أبي ملكي" للملك المصري "أخناتون، تمرّ عبارة "أنا الغبار على قدميك" ثلاث مرّات. فأين الغرابة بمرورها في مكالمةٍ هاتفيةٍ بعد أكثر من ثلاث ألفيّاتٍ ونصف ؟!

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة