"ليبانون ديبايت" - ليلى حاطوم
سيتحمّل لبنان رسومَ غراماتِ تأخيرٍ تزيدُ عن مليون دولار بعدما أثبتت نتائجَ اختبار جديد لشحنة الوقود الذي تحمله سفينة "Asopos" أنها متوافقة مع مواصفات العقد القائم مع الدولة، فيما كان فحص سابق قد أظهر عكس ذلك.
فالسفينة، التي وصلت إلى لبنان في 29 نيسان، مُنعت من تفريغ الوقود المخصّص لمحطات توليد الطاقة في لبنان على مدى الـ 33 يومًا الماضية. لكن يوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الطاقة بأن الوقود كان مطابقاً للمواصفات وأنها ستقومُ بالسماح لها بتفريغ شحنتها دون تحديد موعدٍ لذلك.
من الجدير ذكره أن إيجار هذه السفينة الضخمة يبلغ 30 ألف دولار يوميًا، أي ما يعادل 990$ ألف دولار حتى الآن. وبحلول الغد سيكون 1.020.000$ دولار وسيستمر الرقم في الارتفاع حتى تفتح الحكومة الاعتمادات المالية لشحنة الوقود.
وبحسب يوسف الخازن، المستشار القانوني في لبنان لشركة سوناطراك للبترول SPC BVI، "ستتحمل الحكومة الفاتورة".
وحتى يوم الثلاثاء،كان لبنان الذي يعاني من ضائقة مالية مهدداً بخسارة عشرات الملايين من الدولارات في رسوم التقاضي والجزاءات مع تصاعد فضيحة الفيول أويل في البلاد إلى مستوى جديد.
فقد هددت شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" منذ أسبوع باتخاذ إجراء قانوني ضد الحكومة اللبنانية بسبب ما وصفه مستشارها القانوني في اتصال هاتفي بأنه "خرق للعقد" بشأن شحنات الوقود المعرقلة وتأخير فتح الاعتمادات.
وكانت "Sonatrach Petroleum - SPC BVI"، وهي شركة خاصة مسجلة في الجزر العذراء البريطانية ومملوكة بالكامل من عملاق الطاقة الجزائري سوناطراك القابضة، قد "أرسلت إنذاراً رسمياً إلى السلطات اللبنانية أواخر أيار لمعالجة هذه المسألة. الرسالة واضحة، إذا استمروا (الحكومة اللبنانية) في خرق شروط العقد الموقع مع شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI"، فإن الشركة ستلجأ إلى الإجراءات القانونية لحماية حقوقها"، بحسب الخازن.
وبحسب مسؤول جزائري تحدّث بشرطِ عدم الكشف عن هوّيته في وقت سابق من هذا الشهر، فإنّ "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" كانت ضحية "حملة تشويه واسعة النطاق في لبنان".
وبسبب هذه الحملة تصاعدت عدة أصوات مطالبة بإنهاء العقد مع الشركة. والحكومة اللبنانية قد ألمحت قبل أسبوع إلى أنها لن تمدّدَ العقد الحالي الذي أبرمته مع "Sonatrach Petroleum - SPC BVI"، والذي ينتهي في 31 كانون الأوّل من هذا العام.
فخلال محادثات جانبية مع الإعلام بعد جلسة مجلس الوزراء قرابة منتصف شهر أيار، كان وزير الطاقة والمياه ريمون غجر قد أفصح بشكلٍ غير مباشر عن نية الحكومة في عدم تجديد عقد "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" حين أخبر الصحفيين أن الحكومة تتطلع إلى طرح مناقصة جديدة للعقد بحلول نهاية العام.
وبحسب شروط العقد، فأمام الحكومة مهلة حتى تشرين الأوّل المقبل للتعبير رسمياً عن قرارها بشأن تجديد أو عدم تجديد عقد "Sonatrach Petroleum - SPC BVI". كما ويجب على لبنان إبلاغ الشركة قبل نهاية العقد بثلاثة أشهر برغبته في إنهاء العقد أو تجديده.
ومع إعلان الثلاثاء، ارتفع الشك فيما يتعلق الأمر بفضيحة الوقود التي انفجرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
فوفقًا للمصادر، لم يكن هناك وقوداً مغشوشاً أو رواسب نفطية بعكس ما تم إشاعته على نطاق واسع من قبل بعض السياسيين ووسائل الإعلام.
كما وأن "Sonatrach Petroleum - SPC BVI"، التي أبرمت معها الحكومة اللبنانية عقدًا لتزويد محطات توليد الطاقة في لبنان بالوقود، ليست مسؤولة قانونًا عن شحنات الوقود بل الحكومة اللبنانية.
"هناك اتفاق بين الحكومة اللبنانية و"Sonatrach Petroleum - SPC BVI" على أنه لا يتم تحميل أي شحنات في السفن من الموانئ الرئيسية إلى وجهتها النهائية في لبنان دون اختبار هذه البضائع في مختبر معتمد من قبل كل من الحكومة و"Sonatrach Petroleum - SPC BVI" في بلد التحميل"، بحسب الخازن، الذي أوضح أنه بمجرد موافقة الحكومة على نتائج الاختبار، تصبح الحمولة ملكاً للحكومة اللبنانية ويتم تحميلها في السفينة وإرسالها إلى لبنان.
العودة للبداية
في آذار 2020، واجهت سفينة تدعى "Baltic MT" تحمل وقوداً متجهة لأحد محطات توليد الطاقة في لبنان، مشكلة: لم يُسمح لها بتفريغ حمولتها وبقيت في البحر لمدة 10 أيام تقريباً ورافق ذلك حملة اتهامات سياسية أنها كانت تحمل وقوداً مغشوشاً، على الرغم من حقيقة أنه لم يكن قد تم إجراء أي اختبارات على حمولتها في الوقت الذي رست فيه.
وكانت شركة "ZR DMCC"، التي تتخذ من دبي مقراً لها، قد اشترت الوقود من صهاريج شركة "GalTrade" في أحد الموانئ الإيطالية، وهي بدورها باعته لشركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI". ولم يتم تحميل الوقود إلّا بعد أن أظهرت نتائج الفحوصات في المختبر الذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية وسونطراك مطابقة الحمولة للمواصفات التعاقدية. وغادرت الشحنة إلى لبنان ووصلت في آذار لكنها بقيت في مكانها لمدة 10 أيام وسط اتهامات سياسية بأن الوقود كان مغشوشاً.
وفق آلية القياس في لبنان المتعلّقة بمواصفات الوقود، تأخذ المديرية العامة للبترول عيّنة من حمولة السفينة لفحصها، وإذا تمّ التأكد من أن الوقود يستوفي المواصفات المطلوبة، فيتم تفريغ الوقود في صهاريج التخزين العائدة للدولة.
ويحصلُ مشغلو محطات الطاقة أيضًا على عيناتهم الخاصة للاختبار أثناء عملية التفريغ، ويتم إرسال هذه العينات إلى مكتب فيريتاس في دبي لفحصها لمعرفة ما إذا كانت تستوفي المواصفات المطلوبة.
بعد تأخيرٍ كبير، تم اختبار حمولة "Baltic MT" في أحد المختبرات اللبنانية الـ 3 التي تعتمدها المديرية العامة للبترول، وكشفت النتائج أن الوقود كان خارج المواصفات في معيار واحد من أصل عدة معايير، وهو تغيير يتعلق بتكوين الرواسب. لكن الوقود لم يعتبر معيوباً أو تشوبه نفايات ورواسب كما زعم البعض.
سرعان ما تحركت شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" حفاظاً على مصداقيتها وتقدمت ببديلٍ يطابق المواصفات ودون أي تكلفة إضافية للبنان، مقابل إعادة حمولة "Baltic MT". كما وطلبت "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" تقرير نتائج الاختبار من الدولة اللبنانية.
ومع تصاعدِ الاتهامات السياسية إعلاميًا حول الموضوع، تحرّكت السلطة القضائية المالية في لبنان برئاسة المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم في القضية، وقرّر إغلاق الملف بعدما تبيّن له أنّه لم يكن تبديد للأموال العامة بما أنّه لم يكن هناك رسوماً إضافية على التكلفة الأصلية.
"كان على الحكومة أن تدفع ثمن شحنة واحدة، لذلك لم تكن هناك حاجة لفتح خطاب اعتماد جديد"، يقول الخازن.
بعد أقل من شهر، واجهت ناقلة وقود أخرى تسمى "ASOPOS" المصير نفسه في شهر نيسان 2020. تمّ تحميل الشحنة هذه المرة من تكساس، الولايات المتحدة الأميركية، بعدما وافقت الحكومة اللبنانية على نتائج الاختبار في المختبر المخصّص في الخارج. وتمّ بيع الشحنة في الأصل لشركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" من قِبل شركة مقرها سويسرا تدعى "Euronova" ولها بدورها علاقات غير مباشرة مع عائلة بساتني في لبنان.
وبحسب المحامي اللبناني سعيد علامة، فإن "العقد المبرم بين الحكومة وشركة "SPC BVI" يجعل الحكومة اللبنانية مسؤولة عن الحمولة فور الموافقة عليها وتحميلها في السفن".
واجهت "ASOPOS" اتهامات مماثلة لتلك التي طاولت "Baltic MT". وأظهرت الاختبارات التي حصلت في أحد المختبرات المعتمدة لدى مديرية البترول أن مواصفات الحمولة كانت غير مطابقة في معيار واحد أيضًا، حيث كانت الكثافة أعلى بشكل لا يكاد يُذكر. ووفقاً للخازن: "بحسب التقرير، كان يجب أن تكون الكثافة أقل من 0.091 وأظهرها الاختبار عند 0.093".
ومرة أخرى، طلبت "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" من الحكومة تسليم نتائج الفحص ولكن مرَّ شهر تقريبًا، ولم تقم الحكومة بذلك.
يُذكر أن كلتا السفينتين كانتا تحملان الوقود المخلّط، كأي شحنة يتمّ شحنها حول العالم.
"لقد أرسلنا سفينة فارغة لتحميل ما أسمته الدولة اللبنانية بالوقود غير المطابق للمواصفات، وهو ما يساهم في رفع قدرة التخزين لدى الدولة. كما وأرسلنا سفينة أخرى لتفريغ البضائع حسب المواصفات" بحسب الخازن، الذي كشف أن السفينتين تمّ تأخيرهما في لبنان، إضافة للسفينتين الأصليتين اللتين رفضت الحكومة إطلاقهما.
وأضاف: "لم يُسمح لشركتنا بتفريغ الشحنة الجديدة أو سحب الوقود المرفوض، ولم نتسلّم نتائج الفحوصات".
وقال المستشار القانوني للشركة إن كل هذا الأمر يكلّف الشركة بين 25,000$ دولار إلى 30,000$ دولار أميركي يوميًا كرسوم غرامة تأخير لكل سفينة، مضيفًا أنه "لا يوجد سبب لاستمرار التأخير من قبل الحكومة. وسيتم تسليم الفاتورة للحكومة لاحقًا".
وبهذا، فإن لدى الحكومة اللبنانية غرامة تأخير تُقدّر بنحو مئة الف دولار أميركي يوميًا على مدار الشهر الماضي، وما زال الرقم في تزايد طالما لم تتحرك الدولة بعد للإفراج عن السفن.
وما يُثير التساؤل حقيقةً هو أن السلطات اللبنانية تواصل تأجيل تسليم نتائج الاختبارات التي أجريت في لبنان لكل من "ASOPOS" و "BALTIC MT". والقضية مستمرة بحسب الخازن.
ووفقًا لمصادر قضائية فضّلت عدم الكشف عن هويتها، "طالما أن التحقيق في القضية مستمر، فإن الوقود والسفن يُعتبران دليلاً".
ومع ذلك، يعترض علامة على هذه الحجة قائلاً إن "عينات الاختبار يجب أن تكون أكثر من كافية، والمزيد من التأخير يكلّف الحكومة غالياً، في وقت تُعاني فيه الدولة من تدهور أحوالها المالية والاقتصادية".
تحقيقٌ قضائي تَشوبه أخطاء
عند متابعة القضية، لاحقَ القضاء اللبناني شركتين هما: ZR Energy و Basatni، على الرغم من عدم كونهما جزءًا من العقد بين "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" والحكومة اللبنانية، وبالتالي ليسا طرفاً أول وأساس في المشكلة القائمة.
يقول علامة: "بموجب القانون، عندما يكون لديك عقد مع جهة وتقوم هذه الجهة بمخالفة العقد، فإنك تقاضي هذه، وليس شخصًا آخر لست متعاقداً معه. على سبيل المثال، إذا أنت اشتريت حقيبة من متجر في فرنسا، وبعتها لي، ولكن تبيّن أن الحقيبة كانت مقلدة، فلا يسعني إلا أن أقاضيك أنت، وليس المتجر في فرنسا".
ويوضح علامة أنه في مرحلة لاحقة من التحقيق القانوني، يمكن للسلطة القضائية أن تطلب إدخال طرف ثالث في الدعوى، وهو المتجر الفرنسي، شرط أن تكون الدعوى مرفوعة ضد الطرف المتعاقد أولاً.
ومن الغريب أن القضاء اللبناني لم يوجه أبداً أي اتهامات ضد "Sonatrach Petroleum - SPC BVI"، بل لاحق مباشرة الطرف الثالث، وهذا الخطأ التقني وحده قد يكلّف لبنان القضية، ويخضع الدولة لقضية تحكيم مع "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" بملايين الدولارات، دون ذكر الدعاوى القضائية المحتملة من قبل كل من ZR DMCC و Basatni's عن الأضرار التي لحقت بالسمعة.
وقد رأينا تحرّكاً بالفعل حيث أصدرت شركة البساتني بيانًا مطولًا في هذا السياق، في حين أن بيان ZR DMCC، نفى ارتكاب أي مخالفات، وموضحاً أن الشركة في دبي، والتي باعت الوقود، ليست نفسها شركة ZR Energy في لبنان، والتي قام القضاء بإغلاق مكاتبها بالشمع الأحمر في نيسان، تمامًا كما فعل بمكاتب البساتني في أواخر أيّار.
لذا، لم يصدر القضاء فقط أوامر توقيف بحقّ المديرين التنفيذيين لشركة ZR Energy، وهي من الناحيتين التقنية والقانونية لا علاقة لها بالوقود المُباع لشركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" أو بالعقد المبرم بين الحكومة اللبنانية وشركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI"، بل وخالف القانون أيضاً بعدم ملاحقة الطرف الأول في القضية من الأساس وهي شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI".
وتبرّرُ المصادر القضائية عينها الملاحقة بحق الشركات قائلة إن مئات الدولارات كهدايا قدمها المسؤولون التنفيذيون في الشركات المذكورة إلى الموظفين العموميين في قطاع الطاقة، وهذه يُشكّ انها رشوة وليست هدايا شركة كما يدّعون.
لكن أفراد ZR Energy الذين تم استجوابهم، نفوا تهم الرشاوى بشكل قاطع، وفقًا لوثائق تتعلق بالتحقيق، مصرّين على أنها هدايا من الشركة توزّع في المناسبات، كما درج العُرف.
كما وأوضحت المصادر القضائية أن الحكومة اللبنانية قد لاحقت بالفعل ممثل شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" في لبنان، وهو السيّد طارق فوّال، "وبالتالي فإن ادعاء أن القضاء اللبناني قد لاحق فقط الطرف الثالث مباشرة هو أمر غير صحيح".
سخرَ الخازن من هذه المعلومات قائلاً : "إن فوّال لم يكن أبداً في الماضي أو الآن ممثلاً لشركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" في لبنان. وهو ليس موظفًا في "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" ولا يتلقى راتبًا منها. علاوةً على ذلك، فإن شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" لم تكن جزءًا من الملاحقة القانونية المستمرة حتى اليوم ولم يتم اتهامها فيها او استدعاؤها".
ويضيف الخازن بأنّه في العام 2018، أرسلَ مسؤولو شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" رسالةً رسمية إلى السلطات اللبنانية، يوضحون فيها أن فوّال هو مجرد موظف في وكالة Victoir Shipping Agency التي تقوم بتخليص أوراق معظم سفن "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" التي تدخل لبنان أو تغادره، وهذا يجعله معقّب معاملات.
"لقد تم الاحتفاظ بجميع الواجبات التعاقدية والتمثيل من قبل رئيس "Sonatrach Petroleum - SPC BVI" وهذا مذكور في الرسالة" بحسب الخازن، والتي يبدو أن القضاء تغاضى عنها أو لم يعرف بها عند ملاحقته لفوّال على أنه ممثل لـ "SPC BVI".
ومثل هذا الخطأ الفادح ينسف القضية.
في المقابلِ، ووفقًا لمصادر من إيطاليا، فإن شركة ZR DMCC تدرس ملاحقة شركة GalTrade قانونياً، وهي الشركة التي باعتها الوقود الذي تمّ اعتباره غير مطابق في أحد معايير المواصفات في لبنان.
ولم تردّ GalTrade على محاولات للاتصال بها، في الوقت الذي كانت فيه المحادثات بين محامي الشركتين جارية بشأن هذه المسألة.
كما فشلت محاولات الوصول إلى المسؤولين التنفيذيين في ZR DMCC، ولكن وفقاً لمصدر قريب من الشركة، "قد تتجه ZR DMCC إلى رفع دعوى قضائية ضد GalTrade بسبب الاحتيال وخرق العقد".
ونأتي لسؤال جوهري: لماذا تعتبر الحكومة أن مخالفة معيار في الوقود قد يؤذي المولدات في بعض محطات توليد الطاقة الكهربائية، عندما لا تتأثر سفينة الطاقة "كارادينيز"، والمستأجرة من قِبل الحكومة اللبنانية بذلك؟
في الجواب على هذا السؤال، نصل إلى الفضيحة الثالثة في القضية.
محطات الطاقة غير محمية!
لم تكن Baltic MT و Asopos السفن الوحيدة التي طُرِحت علامات استفهام حول حمولتها، فقد كان هناك سفينتين استردّهما لبنان في أوائل عام 2019 وفي تموز من العام نفسه، رفضت شركة MEP وهي أحد مشغلي محطات الطاقة، رفضت استخدام الوقود في السفينتين بحجة أن الفحص المخبري أسفر عن وجود نسبة حموضة عالية، فيما تفتقر معامل الكهرباء الجديدة في لبنان (الذوق والجيّة) إلى نظام معالجة مناسب لهذا الوقود.
لكن وفقًا لمصادرنا في قطاع الطاقة، فقد تمّ استخدام النفط لاحقًا في محطات الطاقة القديمة التي تحتوي على محارق للوقود، ومن قِبل مشغل آخر وهو سفينة كارادينيز للطاقة، وبخاصة لأن سفن الطاقة تتفوق على محطات الطاقة القائمة حالياً في لبنان كونها تتمتع بأجهزة تقنية (فواصل) تمكّنها من حرق أي نوع من الوقود دون أن تتأثر بنوعية الوقود المستخدم.
والسبب في ذلك هو أن سفن الطاقة تعمل حول العالم وفي بلدان مختلفة وقد لا يصل الوقود إلى المعايير المتوقعة في كل مكان.
وفي لبنان، تستخدم معامل الطاقة الجديدة الوقود من النوع "B" ويتم تحديد المواصفات في العقد من قِبل المديرية العامة للبترول، والتي وفقًا لمصادر من وزارة الطاقة تم التحدّث إليها في تحقيق سابق: "عادة ما تطلب أرخص نوع من الوقود".
فيما يمكن لمعامل الكهرباء القديمة، التي تحتوي على محارق، تجاوز هذه المشكلة وهي تعمل على وقود من الدرجة "A" ولكن لا يزال بإمكانها حرق الوقود "B".
يُذكر أن وزيرة الطاقة في ذلك الوقت، ندى بستاني، كانت أول من أبلغ القضاء عبر تسطير إخبار بموضوع الوقود غير المطابق للمواصفات، خاصة بعد أن علمت أنه كان من المعتاد حرق الوقود في معامل الكهرباء على مدى سنوات بغض النظر عن جودته ونوعيته، مما شكّل خطرًا على المولّدات.
وكان القضاء اللبناني قد استجوب بستاني مؤخراً بشأن قضية السفن من العام 2019، لكن بسبب استمرار التحقيق في القضية، قالت بستاني إنها لا تستطيع التعليق عليها.
لكنّها علّقت على قضايا فنية أخرى تتعلق بإفتقار معامل الكهرباء الجديدة إلى نظام معالجة الوقود المطلوب، وعدم وجود الآلات (الفواصل) التي تحمي الموّلدات من أي وقود غير مطابق للمواصفات.
وبحسب المعلومات المنشورة، كانت الدولة قد تعاقدت مع شركة دانمركية وهي "BWSC"، لبناء معملي كهرباء جديدين قبل بضع سنوات (الذوق والجية) وكان ينبغي أن يكونا مطابقين للمواصفات المطلوبة في العقد.
وعندما أُثيرت مشكلة عدم القدرة على معالجة الفيول غير المطابق للمواصفات، سارعت الوزيرة بستاني للمطالبة بتركيب الآلات الجديدة وأن تتحمّلَ شركة "BWSC" مسؤوليتها بحسب ما هو محدد في العقد، وقد أدّى ذلك إلى دعاوى.
وبإختصار شديد، تقول بستاني إن معدات الفصل "وصلت إلى لبنان وهي قابعة على أرصفة المرفأ في بيروت بانتظار تركيبها منذ ذلك الحين".
حتى الآن، لا يزال التحقيق جارياً، ولا أحد يعرف متى سيتمّ تركيب المعدات في معامل الطاقة الجديدة.
لكن ما هو مؤكد أن لبنان لا يزال مهدداً بأن يتمّ جرّه في قضية تحكيم بسبب عقده الحالي مع شركة "Sonatrach Petroleum - SPC BVI"، وقد تتحرك الشركات التي لاحقها القضاء مباشرة وليس كطرف ثالث لمقاضاة الدولة أيضاً بسبب الأخطاء المرتكبة.
اخترنا لكم



