"ليبانون ديبايت"
تتساءل مصادر مصرفية تواكب المعالجات المتاحة لتداعيات الأزمة النقدية والمالية والمصرفية الناجمة عن سياسات المنظومة السياسية، عن الجدوى من الحملة التي يخوضها بعض أطراف الحكومة على حاكم مصرف لبنان والترويج لأخبار عن إقالته خلافاً لقانون النقد والتسليف.
وترى هذه المصادر أن الحكومة التي يفترض فيها أن تؤمن البيئة السياسية والقانونية السليمة المطلوبة للمعالجات تثبت مرة جديدة بأنها، باستهدافها السياسي لحاكم مصرف لبنان خلال ولايته، وخلافا للقانون، تمعن في ضرب صدقية لبنان العربية والدولية، وفي مخالفتها للقوانين بدل تطبيق الصالح منها وتصحيح ما يتطلب التصحيح وفقا لما تطالبها به الجهات المانحة.
وتذكر المصادر المصرفية ذاتها بأن واحدة من أسباب الأزمة الراهنة هي عدم ثقة المجتمعين العربي والدولي بإداء المنظومة السياسية لا سيما لناحية مخالفتها للقوانين وتسخير الدولة اللبنانية ومقدراتها في خدمة نفوذها ومصالحها وتحاصصاتها، فإذا بالحكومة الحالية تثبت بأنها مصممة على السير في الخطوات ذاتها التي سارت عليها الحكومات السابقة من كيديات وسياسات انتقامية واستغلال للسلطة وتسخير لها لأسباب حزبية وفئوية، أوصلت اقتصاد لبنان الى ما هو عليه اليوم من حالة فقدان الثقة من الدول المانحة والمستثمرين.
وتتساءل المصادر: هل وصلت السذاجة والخفة الى مكان باتت معه المنظومة السياسية تعتقد بأنها قادرة على التأثير في قناعات المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، وفي قناعات الحكومات المانحة، على غرار ما تقوم به داخلياً من خلال تأليب الرأي العام اللبناني زوراً على مصرف لبنان؟ وهل يعتقد منظمو الهجومات الجديدة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامه والقطاع المصرفي أن المجتمعين العربي والدولي لا يتابعان عن كثب ولا يعرف أدق التفاصيل المتعلقة بالفساد والهدر وأسباب العجز والدين العام؟
وتذكر المصادر بأن كل ما صدر عن مؤتمرات دعم لبنان من "باريس واحد" الى "سيدر" مروراً باجتماعات مجموعة الدول لدعم لبنان واضح في تحميل المسؤولية عن التردي المالي والنقدي والاقتصادي الى الحكومة اللبنانية التي طالبتها كل المؤتمرات بإصلاحات جذرية كشرط مسبق لأي دعم جديد، في حين أنها لم تأت يوماً على ذكر الفساد المزعوم في القطاع المصرفي!
كما تذكّر المصادر المصرفية بأن الحكومات المتتالية التي دفعت باتجاه مؤتمرات باريس الاربعة ومؤتمر سيدر واجتماعات مجموعة دعم لبنان لم تأت في اي من مشاريعها وخططها على ذكر أي هدر أو فساد في مصرف لبنان أو القطاع المصرفي أو على أي مسؤولية يتحملانها عن الأزمة التي يعيشها لبنان، بل على العكس من ذلك فقد كان القطاع المصرفي على الدوام ركناً أساسياً من أركان التصور الحكومي للحل، فما الذي تغيّر اليوم وبسحر ساحر؟
وتستدرك: إذا كان الحجة أن الحكومة الحالية تنتمي الى "نهج سياسي مختلف"، فإنه لا بد من التذكير بأن هذه الحكومة تبنت الورقة الإصلاحية للحكومة السابقة التي هي تكرار لأفكار إصلاحية عمرها عشرات السنوات وكلها تركز على الإصلاح في الإدارات الحكومية، وآليات عمل السلطة التنفيذية، وعلى التشريعات المطلوبة من مجلس النواب، ولكنها لم تأت يوماً على ذكر القطاع المصرفي!
كما أن هذه الحكومة تعتبر مؤتمر سيدر هو ورقتها الرباحة، وهذا المؤتمر هو في جانب كبير منه من صنع وافكار وتوجيهات وأفكار مصرف لبنان، فما الذي تغير فجأة؟ وهل يمكن للمسؤولية عن مسار عمره ثلاثون عاماً أن تتغير بين ليلة وضحاها؟
وتخلص المصادر المصرفية: في المال والاقتصاد لا يمكن كما في السياسة تزوير الحقائق العلمية وإخفاؤها عن أصحاب الاختصاص. يمكن فعل ذلك في السياسة من خلال غسل أدمغة الناس، لكن عندما يجلس رجال الاقتصاد واصحاب الاختصاص والمقررون على الطاولة تسقط الأقنعة... عندها ماذا ستفعل الحكومة؟ وبماذا ستجيب من سيسألها عن انجازاتها في مجال الإصلاح وتطبيق القوانين؟ هل تقول بأنها أقالت رياض سلامة خلافاً لقانون النقد والتسليف لمجرد أنه رفض التنازل عن السيادة النقدية في لبنان الى حزب الله على غرار تسليمها القرار السياسي والأمني والخيارات الاستراتيجية للدولة لحزب الله؟
وتختم المصادر: الحل يبدأ بتبني المنظومة السياسية نهج رياض سلامة في مواجهة من يسعى لمصادرة صلاحيات الدولة وحقوقها، بدل السعي لشطب رياض سلامة كنموذج يؤرق مضاجع السياسيين من المعادلة الاقتصادية والوطنية للدولة اللبنانية.
اخترنا لكم

خاص ليبانون ديبايت
السبت، ١٩ نيسان ٢٠٢٥

خاص ليبانون ديبايت
السبت، ١٩ نيسان ٢٠٢٥

اقليمي ودولي
السبت، ١٩ نيسان ٢٠٢٥

اقليمي ودولي
السبت، ١٩ نيسان ٢٠٢٥