المحلية

الخميس 19 آذار 2020 - 16:20

حكومةُ المستشارين

حكومةُ المستشارين

"ليبانون ديبايت" - المحامي انطوان نصرالله

اتكىء مجلس الوزراء اللبناني على قانون الدفاع الوطني الصادر في العام 1983 وتحديدًا المادة الثانية منه لكي يعلن "التعبئة العامة في البلاد" لمدة 15 يومًا ابتداءً من تاريخ صدور القرار في 15 آذار 2020، ولكن ما هي تداعيات إعلان التعبئة العامة سواء على القرارات الحكومية وما هي الاجراءات التي بإمكان مجلس الوزراء مجتمعًا أو الوزراء إتخاذها بظل أحكامه؟

- التعبئة العامة:
إعلان حالة التعبئة العامة هو تدبيرٌ يتَّخذه مجلس الوزراء، ويعتبر هذا التدبير من المواضيع الرئيسية التي تحتاج عملية إقراره الى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء وفقًا للفقرة الخامسة من المادة 65 من الدستور اللبناني. ويعلن هذا الإجراء الإستثنائي عند تعرض الوطن او جزء من أراضيه أو قطاع من قطاعاته العامة أو مجموعة من السكان للخطر ويكون جزئيًا أو عامًا، ويهدف الى تنفيذ جميع أو بعض الخطط المقررة، والتي تعلن بمراسيم تُتخذ في مجلس الوزراء.

وتجدر الإشارة هنا الى أن هذا الاعلان يتمُّ بناءً على انهاء المجلس الاعلى للدفاع والذي يتألف من رئيس الجمهورية رئيساً ورئيس الوزراء نائباً للرئيس ومن نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وزير الخارجية، وزير المالية، وزير الداخلية، ويشترك قائد الجيش في جلساته بصفة إستشارية كما يحق لرئيس المجلس الاعلى للدفاع أن يستدعي من يشاء ممن تقضي طبيعة أعمال المجلس حضورهم وبالعادة يحضر الإجتماع رؤوساء الاجهزة الأمنية، ومدعي عام التمييز ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وقد إستبعدا عن الجلسة الأخيرة للمجلس فيما حضرت وزيرة العدل ووزراء الإقتصاد والتجارة والإعلام والأشغال العامة والنقل والصحة العامة، إضافةً الى العديد من المستشارين، وبالطبع أمين عام المجلس الذي يكون عادةً ضابطًا من رتبة عقيد وما فوق.

- دور وواجبات الوزراء مع إعلان التعبئة العامة:
لا يمكن إعتبار مرحلة ما بعد إعلان التعبئة كما قبلها إذ أنه بمجرد صدور مرسومها ينبغي على الوزراء التحرك بسرعة، وأن يتخذوا اجراءات قانونية وإدارية مختلفة عن تلك التي تُتخذ في الأيام العادية، وهذا ما لم نشعر به حتى اليوم.

فوزير الإقتصاد والتجارة مثلًا كان من واجبه أن يحدد بعض الأسعار خصوصًا وأن من صلب أهداف الإعلان "فرض الرقابة على المواد الأوليّة والإنتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم إستيرادها وخزنها وتصديرها وتوزيعها "فمن غير المقبول ترك أسعار المواد الأساسية تحت رحمة التجار، في فرنسا مثلًا حدَّد مرسوم صادر عن وزير الاقتصاد بتاريخ 6 اذار أي قبل إستفحال إنتشار وباء "كورونا" سقف أسعار سوائل المعقمات وذلك من أجل حماية المستهلكين. بينما في لبنان إكتفى الوزير بالتمني وبتحرير بعض المحاضر التي لا تغني.

إضافةً لكل ذلك ما الذي يمنع الوزير من الإستعانة بقوى الأمن لفرض رقابة على الأفران وأن يتفق مع الشركات الموردة على تحديد أسعار المبيع للمواد الغذائية والاساسية ويصدرها بموجب مرسوم يعمل به حتى إنتهاء إعلان التعبئة؟

كذلك، فإن خيار التأميم في هذا الظرف ممكن وهو من واجبات الحكومة خصوصا وزيري الاقتصاد والمالية في حال عدم تمكن القطاع الخاص لأي سبب من الأسباب من تلبية حاجات السوق الملحة وفي حال التخوف من هذا الأمر على الحكومة أقله تقديم المساعدات والتسهيلات الجمركية والمالية للصناعات اللبنانية مع مراقبة صارمة للأسعار.

أما وزيرة العدل ومع الخوف من إنتشار وباء الكورونا داخل السجون المكتظة كان عليها وعلى وزير المالية الطلب من مجلس الوزراء إصدار مرسوم إعفاء حوالي 120 سجينًا انهوا محكوميتهم ولم يخرجوا بسبب عدم تمكّنهم من دفع الغرامات المستحقة عليهم وقيمتها 650 مليون ليرة لبنانية وإطلاق سراحهم، وذلك بدل التقدم من قانون معجل الى مجلس نواب يبدو أن إجازته طويلة فالضرورات تجيز المحظورات... وهي قاعدة لطالما لجأ اليها اهل السياسة في لبنان من اجل خرق احكام الدستور اللبناني، على أن يصدر قانون فور إنفتاح أبواب المجلس يصحح هذا الوضع. وما المانع ومن أجل الإسراع في المحاكمات من إنعقاد الجلسات استثنائيًا في سجن رومية وتحديدًا في قاعات المحاكمات المخصصة لهذا الغرض؟ إن هذا الإجراء يكفل صحة القضاة والمحامين والموظفين والسجناء ويؤدي الى إخلاء سبيل العديد منهم.

إضافةً لكل ذلك، كان على وزير المالية ومن أجل تسهيل أعمال المواطنين الذين يرغبون بتقديم طلبات الإستحصال على مستندات ووثائق عقارية مع عدم قدرة المديرية العامة للشؤون العقارية على إستقبال الطلبات والمراجعات، أن يقونن خدمة الإستحصال على بعض المستندات بواسطة الإنترنت مع فرض رسم اضافي بسيط يساهم بتغذية صندوق مواجهة مرض كورونا المنشأ حديثًا، وفي هذا الاطار على مجلس الوزراء منع الأحزاب والنواب والجمعيات الأهليّة والدينيّة من إستغلال حاجات الناس وحصر تقديم المساهمات المالية والعينية بالصندوق او بالصليب الاحمر...فقد طفح الكيل من إستغلال المواطن اعلاميًا ونفسيًا من قبل الأحزاب والنواب ورجال الدين.

في إسبانيا، ومع إنتشار الفيروس بشكل سريع أقدمت السلطات على وضع كل مستشفيات البلاد تحت إشرافها من هنا ما المانع من أن يقوم وزير الصحة بهذه الخطوة؟ وذلك عبر الزام معظم المستشفيات والأطباء من أن يقدموا خدمات في المناطق سواء لحاملي الفيروس أو غيرهم من المرضى مع اجراء جردة سريعة على المستشفيات والفنادق المغلقة او المتعثرة وضضعها بتصرف الوزارة لكي تشكل امكنة سليمة وصحية للحجر الصحي الالزامي خصوصا وان معظم منازل لبنان غير مؤهلة لهذا الغرض الضروري والطارىء.

إنه زمن الإعلام، وعلى الوزيرة أن تدرك ذلك قتقوم بدورها على هذا الاساس بدل التلهي بمناكفات إعلامية وهذا الدور بالتأكيد لا يختصر بتلاوة البيانات الوزارية وانما عبر مبادرات شجاعة سواء بتنظيم حملات التوعية أو الحث على البقاء في المنازل او على تنظيم حملات التبرع للصليب الاحمر ولصندوق مواجهة مرض الكورونا والاستعانة بمتخصصين في هذا المجال ليس عيباً ولا يخالف القوانين.

هذه بعض الافكار المفروض القيام بها في فترة اعلان التعبئة من قبل حكومة المستشارين ولو كان في صندوق مالية الدولة اموالاً لم تنهب لتاريخه كنا تكلمنا لغة مختلفة.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة