"ليبانون ديبايت" - روبير فرنجية
لو عادت "الانوار" الى الصدور لكتَبت على صفحتها الاولى "بطالة وتسريح...".
لو لم تحتجب صحيفة "السفير" لعنوَنْت: "طرد واقالة...".
تضييقٌ الى حدِّ "نحرجهم لنخرجهم"، وعلى الصفحة الداخلية فصلت العنوان:... وعدا ذلك، هناك راتب النصف والربع راتب وبأحسنِ الاحوالِ وأعدلها، "تخفيض الدوامات مقابل تخفيض المعاشات أو منح اجازات غير مدفوعة حتى اشعارٍ آخر".
من دون أن نغضَ النظر على طاقاتٍ أعلامية كثيرة تواصل عملها الاعلامي ولا تتقاضى حتى فلس الارملة.
ضحايا هذه الايام السوداء الاذاعات المرخصة بالفئة الثانية والاعلاميين العاملين في نطاق المنوعات والبرامج والدراما. هذا هو الواقع الاعلامي اليوم بعيدًا من الكاميرا والميكروفون.
الاعلام الذي يفضَح تقصير المؤسسات يعضّ على جرحهِ ويكتم سره ويتجنَّب التسريب والتشهير ورمي الحجارة في النبعِ الذي روى عطش الموهبة يومًا.
في الشهر التشريني المُنَصرِم، فَقَدَ الكثيرُ من الاعلاميين فرصهم وأعمالهم وتوقفت برامجهم واذاعاتهم وانخفضَ عددُ العاملين في مواقعهم وغُيِّبَت صفحاتهم وكسرت أقلامهم. ليست "الجرس" الوحيدة التي توقفت، فثمّة مؤسّسات اعلامية بارزة شَحَّت مداخيلها الاعلانية ولجأت بالخفيِّ الى تسريحِ أغلبية العاملين فيها.
جو معلوف، كان جريئًا في قرارهِ وصادقًا في الاعلان عنه، في المقابل، فإنّ نسبةً لا يُستهان بها من الاعلاميين في مؤسسات اخرى صُرِفوا وهُدِّدوا بأنّهم لو نطقوا بكلمةٍ واحدةٍ لحُرِموا من تعويضاتهم التي ستُسدَّد يومًا ما في المستقبل.
أكتب ما أكتبه اليوم وأنا أفكّر حزينًا بمصير زميلَيْن من أسرة "الجرس" عملت معهما عمرًا في اذاعة "صوت الغد" وشهدت لاحترافهما الكبير، عنَيْت الاعلامية ماري جو مكرزل وزوجها المخرج جو جرجس.
ماري جو ليست مقدِّمة فقط بل هي مرجعٌ في اللغات الاجنبيّة المتعدِّدَة والترجمة الفورية وهي كانت تؤمن مع شريكها دوامًا يوميًا كاملًا في الاذاعة.
غدًا حين تكبر لونا إبنة ماري جو، وجو وتريد امتهان الاعلام والتخصّص في كلياتها وجامعاتها ماذا ستفعل والدتها المذيعة الخائبة وبماذا ينصحها والدها المخرج "العاطل عن الهواء"؟.
لو أقدَمَت مكرزل على سجنِ ابنتها في غرفتها ومنعتها من التوجّهِ الى الجامعة بالتهديد والوعيد ووصل ملفها الى يد صديقنا الاعلامي جو معلوف، فنصيحتنا سلفًا له، "لا تَتَّهم والدَيْها بتعنيفِ ابنتهما وقمع حريتها لأنّ أهل الاعلام ينفخون للبن البارد بعدما أحرقهم الحليب الساخن أمام أعين آلاف المشاهدين نتيجة عشقهم للاعلام الى حدِّ المرضِ الذي تبيَّن أنّه خبيثًا.
اخترنا لكم



