المحلية

روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 24 أيلول 2019 - 18:00 ليبانون ديبايت
روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت

عن أكاديمية التلاقي والحوار بين الأديان

placeholder

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

منذُ أن علّقَ نجومَه الأولَى كانَ الرّئيس عَون الضابِط آنذاك أبعَد من لحظتِه. اللحظَة العسكريَّة التي حاصرَته مراراً إبان الحَرب، كانَ يُحاصِرُها. اللحظَات السياسيَّة لاقَت معه حَتفاً مماثِلاً: " حاصِر حِصارَك " عَلى طريقَة محمود درويش. بالرّفض المطلَق كانَ الرّئيس وما يَزال يعالج معظم القَضايا النسبيَّة.

هو رئيس تاريخي من مِنظار دعمِهِ للممكن ضدّ المستَحيل. كل حروبِه كانَت تُنعَت بالمستَحيلَة. تبيَّنَ أنها كانَت ممكنة ولَو بعد حين. لَم يفقِد الرّئيس على مَدَى ثلاثين سنَة وأكثَر موهبَة السياسي التقليدي. هوامِش مناورَة واسِعة للتعبير عَن هامِش ثوابِت ضيِّقَة.

يمكن توصيف الرّئيس مِن دون إثارَة حَفيظَة أحَد بأنه خارِج لحظتِه اليوم أيضاً. رئيس يَطوي الثالثة والثمانين يتصرَّف برتبَة مبشِّر عالَمي. أكاديمية التلاقي والحوار بين الأديان نَموذجاً.

يبدو الخروج من اللحظَة هذه المرَة أيضاً خطوة لا تشبِهُ الصِّدام الحَضاري والثقافي الذي تعيشه المنطقَة. أكاديميَّة تخرجُ من لحظة الأحقاد إلى لحظَة التلاقي.

بالنظّر إلى " اللحظَة " في بعدِها الفلسفي نشعرُ أنها استَكملَت حقبَة. لحَظة تنتظر الوثب إلى حقبَة جديدة. نعيش ربّما إرهاصاتِها لكن شَظَف الحياة يحول دون تلمّسها. رصَدَها الرئيس وزوّدها بوقود أممي. مدَّ الرئيس يدَه هذه المرَّة ومسَحَ وجه الشّرق.

تبدو الأكاديميَّة خطوة خارِج السياق. في الحقيقة هي السياق. وطَنٌ عظيم مثل لبنان يعلِّم العالَم درساً حَضاريّاً. أليسَ مثيراً للدهشَة تصدير الحرف من بيبلوس؟ مثير للدهشَة بالتأكيد. الأرجوان . مدرسَة روما. مطبعَة دير مار أنطونيوس قزحيّا. عين ورقَة. لائحة طويلَة كلّها برسم التلاقي والحِوار. كلّها تؤكِّد مغامرَة الغزوة الحضاريَّة من تَوقيع لبنان.

أكاديميَّة محمَّلَة بتراث إنفتاحي قليلاً ما عرفته الحَضارَة. الحضارَة قَطَعت رؤوساً بالفؤوس. طعَنَت أباطِرَة في الخاصِرَة. قتلَت الحسين. صلبت المَسيح. سَبَتْ. نهَبَت. هدَمَت. بغَت وهَدَرَت.

الأكاديميَّة تذكرنا بتلك التي بناها الفيلسوف الإغريقي " أفلاطون ". حفَرَ على مدخَلِها جملَةً في الحَجَر. مرّت على كل الفلاسِفَة في كلّ العصور " لا يدخلّنَ أحدٌ إن لَم يكن مهندِساً ".

أخال الأكاديميَّة التي يُحتَفَى بِها اليوم في نيويورك مِن هذا القبيل مع تَعديل. " لا يدخلنَّ أحدٌ إن لَم يكن لبنانيّاً ". صدقٌ في الرّجاء أن يشهَدَ الرئيسُ المبدعُ على صَنيعَةِ يديه على حياتِه. صدقٌ في إيفاءِ الرئيس عَون ما يفرضُهُ الواجِب. أن نشكره وسطَ دخانِ أزماتِنا. أن يُخرِجَنا من اللحظّة، مِن لَحظَتِنا إلى " التلاقي والحِوار بين الأديان ".

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة