"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
هناك قطبة مخفية في الذي جرى السبت خلال "محرقة الكوادر" التي اقدم عليها الرئيس سعد الحريري، ما يزيد من ضبابية القطبة، ان صاحب الشأن استخدم اسلوباً لم تعهده السياسة اللبنانية لجهة القيام بإقالات واعفاءات.
ما كان ينقص الرئيس الحريري سوى فندق وغرفة وثلة حراس كي يكتمل استنساخ مشهد فندق "الريتز" الذي ذاق مرّه، فشاء الرد بمكانٍ آخر من خلال تطبيق محاكاة خالصة لسلوكيات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتنفيذها بحق كوادره ضمن الدوائر الضيقة في تيار المستقبل.
ثمة صدمة تجتاح قواعد التيّار يزيد من وطأتها الشح في الاجابات، فعلى الرغم من تأييد خطوة التصحيح لدى شرائح بوصفها تحديد مسؤوليات كأمر مطلوب منذ مدة، تفاجأت ان تبدأ من شخصيات ارتبط اسمها برسم السياسات العامة للتيار، كذلك انسحب التفاجئ على الطريقة التي جرى اتباعها خلال الإعلان عن المحاسبة، تشبه ما يحصل في الدول الخليجية، حيث لا يقدم شرح او تفسير عن خلفياتها
وما يعزز من التساؤلات الناتجة عن الصدمة ان المحاسبات تطال شؤوناً تتجاوز ملف المحاسبة الانتخابية بأشواط وتطال شظاياها منظري سياسة المستقبل الحديثة، ما يعزز فكرة ان الهدف يتجاوز ما هو أكبر من الانتخابات ذات نفسها، ويتصل بإعادة انتاج رؤية سياسية جديدة للتيار، تقوم على ما بعد الانتخابات ما ينسف جزء مما سبق الانتخابات، ولتبرير الانقلاب الأبيض وجد في الانتخابات ذريعة.
يقودنا الحديث الى ارتباط عملية المحاسبة داخل التيار الأزرق بعاملين، خارجي وداخلي. الخارجي سعودي ويتصل بثأر قديم يقضي بقصقصه اجنحة الفريق الذي عاكس التوجهات السعودية قبيل وبعد احتجاز الرئيس سعد الحريري، بحيث انبرى هذا الفريق الى نسج تحالفات وصفقات من خارج العناوين العامة، عادت بالفائدة على الخصوم المفترضين، وهذه القصقصه لا بد منها في حال اريد اجراء هندسة شاملة على خطاب التيار وتوجهاته ما بعد الانتخابات، وداخلي يتصل بالتخلص من وجوه تبني امجاداً وسلطة على حساب التيار نفسه.
وكما كل حالة سياسية، يحتاج أي تطبيق ما الى اكتمال عناصر مشهد يقوم على تمرير مصالح مشتركة، من هنا كان يجب على الرئيس الحريري بحال قرر الشروع بورشة التصحيح، ان يطيح بمدير مكتبه نادر الحريري اولاً كي يتسنى له الانتقال الى المراحل المتقدمة.
السؤال الذي يجري البحث عن اجابات حوله، هل تورطت السعودية بحماقة جديدة ترجمت بدفع الحريري صوب اخراج نادر؟
وفي تقدير الجانب الاكثر اطلاعاً داخل التيار، فضل نادر التضحية بنفسه بعدما لمس ارتفاع الرصيد السعودي داخل التيار مما اسهم في تعزيز الضغوطات الحاصلة على الرئيس سعد الحريري في آن، على ان يشاهد قريبه في مشهد منقح لنموذج احتجازه السابق، بحيث ان استقالة نادر او بالحد الادنى وضعه في "الحجز السياسي" كانت مطلباً سعودياً من اجل تعزيز الدعم لصالح الرئيس الحريري، وطالما ان الأخير مقيد بنادر، فلن يتطور هذا الدعم الى اكثر من ما هو عليه اليوم.
وتكشف ان العائلة وضعت في اجواء خطوة نادر قبل الاعلان عنها بايام، بحيث قدم استقالته بعلم والدته النائب بهية الحريري ثم غادر نحو دولة اوروبية بعد جلسة "تصفية قلوب" بين الرجلين، ثم جرى الاتفاق على وضعها ضمن اطار لا يسمح بجعلها مادة خلاف.
وبمقدار الاهتزازات التي تسببت بها الاستقالة داخل البيت المستقبلي اتت على شكل جرعات متفاوتة نسب السخونة عند شركاء الرئيس الحريري، بخاصة الذين يتقاسمونه الصفقة الرئاسية، الذين ذهبوا الى محاولة التقاط اشارات سياسية حول مصير هذه التسوية، فاتتهم من بيت الوسط على شكل تطمينات.
لكن الاستنتاج العام يذهب حد الوثوق بان الرئيس الحريري سيجري عملية تقييم لهذه التسوية بضوء المتغيرات الطارئة عنده.
فإذا كان العقل الشرعي الذي اوجد هذه الصفقة قد أصبح خارج لعبة الحكم، يفترض بضوء ذلك ان تخضع هذه الصفقة الى اجراء عملية جراحية، يدور حديث لدى ذات الاوساط من ان الحريري سيذهب الى تنقيح الاتفاق بصيغ تبلور نسخة رقم 2 من التسوية، تقوم على تعويض ما خسره في الانتخابات بمجلس الوزراء عبر تعزيز شروط تقسيم جبنة الحكم بين طرفي التسوية، بحيث تحفظ مكتسبات الحريري ولا تخضع لشروط نتائج الانتخابات
اخترنا لكم



