المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأحد 25 آذار 2018 - 21:11 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

رُهاب المشنوق... سببه مقعد!

رُهاب المشنوق... سببه مقعد!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يتساءل ضليعون في السياسة عن السرّ الكامن خلف ما تفوّه به وزير الداخليّة، المرشّح عن المقعد السُنّي في دائرة بيروت الثانية، نُهاد المشنوق، الذي نبشَ وصف "الأوباش" من قعر التاريخ ووظّفه في هتك حُرمة منافسيه ومن يواليهم شعبياً.

مبعث التساؤل يقوم على معرفة المشنوق المُسبقة بأن اللقاء مصوّر، وبالتالي فإن إمكانيّة تسريب مضمونه واردة، فلماذا أوقعَ نفسه بهذا "الفاول"، أو بشكلٍ أوضح، هل أنّ وقوعه كان عمداً وعن سابق إصرار وتصميم ولحاجةٍ في نفس يعقوب؟

وبينما كان ولا يزال البحث جارياً عن المغزى من لصق وصف الأوباش على ثلّة غير صغيرة من "البيارتة"، ومبعث خيار المشنوق، والبحث عن التفسير إذا ما كان الوصف محصوراً بالفريق المنافس (8 آذار) أمّ يتعداه نحو اللوائح أخرى، إختار مرجع سياسي البحث عن ما خفي من أسباب وليس الظاهر منها.

ثمّة توصيف خرجَ به مرجع بعد طول تأمل خلال عطلة نهاية الاسبوع، خلص إلى أن وزير الداخلية المرشح، يريد تسخير ما ملكت ايمانه من أجل تأمين مقعده النيابي لكونه غير مطمئن كفايةً للنتائج، وهو حال تيّار المستقبل عموماً الذي يبقي على تخوفه سائداً من العاصمة بيروت، التي اشتهرت بنسبة الاقتراع المتدنّية قياساً بغيرها، وبامكانية "غزو المنافسين لها" بفضل النظام النسبي الذي عدّل في قواعد اللعبة، لذا إختار الهجوم على منافسيه إما من خلال التهكم او بالاستعانة في الذاكرة كحال استنهاض مشهد 7 أيار مثلاً.

تصور المرجع المبني على التغير في المزاج الشعبي البيروتي الذي إنعكس في صناديق الاقتراع بالانتخابات البلدية عام 2016، إذ لم تتجاوز نسبة الاقتراع وقتذاك الـ20%، ومرتكز ايضاً على خلاصة استطلاعات رأي قامت بها إحدى الشركات الرائدة، ودراسة اجرتها ماكينة أحد الاحزاب الانتخابيّة، إذ إجتمع الرأيان على قدرة قوى الثامن من آذار على الفوز بـ4 مقاعد من أصل 11، أي فوزها بـ4 من أصل 6 مرشحين على لائحتها المسماة "كرامة بيروت".

ويعود أصل ترجيح هذا الفوز إلى افرازات القانون النسبي الذي أوجدَ ظروفاً جديدة مغايرة لواقع المعادلات الأكثريّة السابقة، فأصبح للصوت قيمة ولنسبة الإقتراع قيمة أكبر.

ومن ضمن هذا الفوز إمكانيّة خرقها على 3 مقاعد من أصل 4، ذكرنا 4 نسبة لأن مقعداً منهم كان يذهب في السابق لصالح أحد النواب الشيعة من حصة الرئيس نبيه بري بالتفاهم مع المستقبل.

الظن السائد يقول بامكان فوز اللائحة بمقعدان شيعيان ومقعد سُنّي ورابع أنجيلي. وإذا ما أخذنا الأسماء على اللائحة الأقوى نسبة إلى الإستطلاعات، نجد أن المقاعد المقصودة هي:
شيعيان: أمين شري (حزب الله) ومحمد خواجة (حركة أمل)
إنجيلي: القيس إدغار طرابلسي (التيار الوطني الحر)
سُنّي: النائب السابق عدنان طرابلسي (الأحباش)

يكمن بيت القصيد في المقعد الأخير، إذ ينافس المرشّح المفترض على هذه اللائحة مع شخصيتان هما الرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق، وترجيح فوزه يستند على قوّة تيّاره التجييريّة.

في إنتخابات عام 2009، اقتسمت الشخصيتين الترشيح. فترشّح الرئيس الحريري عن دائرة بيروت الثالثة والوزير المشنوق عن دائرة بيروت الثانية (ضمتا في القانون النسبي لتصبحان دائرة واحدة).

في الدائرة الثالثة وصلت نسبة الاقتراع إلى 40% (إقترع 103243 شخصاً من أصل 252165) نال الرئيس الحريري 78382 صوتاً، لكن المفاجأة كانت في الدائرة الأولى التي ترشّح عنها المشنوق إذ بلغت نسبة الاقتراع 27% (إقترع 27787 من أصل 101787) ما جعلها أقلّ دائرة من حيث المشاركة.

نال يومها الوزير المشنوق 16583 صوتاً بفارق 8512 صوت عن أقرب منافسيه النائب السابق عدنان عرقجي الذي حاز 8071 صوتاً.

وبينما كان يعتبر هذا الفارق في النظام الأكثري مريحاً، ينظر إليه في النظام النسبي عكس ذلك، إستناداً على قواعد المنافسة الجديدة، إذ سمح لكل لائحة في هذه الدائرة تنال ما بين 14 إلى 16 ألف صوت من دخول السباق على حجز المقاعد ثم الفوز بها باستخدام الاصوات التفضيليّة.

وإذا ما أخذنا أرقام إنتخابات 2009 كعامل مقارنة، نجد أن لائحة تحالف أمل – حزب الله – التيّار – الأحباش قادرة على بلوغ هذا الحاصل وربما تجاوزه.. فهي تمتلك:
- الأحباش – قوة إنتخابيّة قادرة على تجيير 7000 إلى 8000 صوت كحد أدنى
- الثنائي الشيعي – قوّة انتخابيّة تقدّر بـ71537 يقترع نصفهم تقريباً أي بحدود 35 ألفاً
- التيار الوطني الحر – تقول احصاءات انّه قادر على تجيير اكثر من 10.000 صوت مسيحي

حسابات القائمين على لائحة 8 آذار تقوم على الاستفادة من القوة الذاتية لكل تيّار مشارك على اللائحة، بعكس المستقبل الذي يعاني من احاديّة في المشاركة، إذ يعتمد على جمهوره ويعاني من رهاب توزيع الأصوات التفضيليّة.

فمثلاً، على لائحة 8 آذار ستتشارك القوّة في رفد اللائحة باأاصوات من أجل تأمين بلوغها الحاصل، ثم ستفترق على توزيع الأصوات التفضيليّة.. وفق التالي:
- الثنائي الشيعي سيقسم أصواته لمرشَحيه مناصفة
- الأحباش سيقترعون "بلوك" لمرشحهم عدنان طرابلسي (كما يفترض)
- التيّار سيهتم بتقديم اصواته لمرشحه القس ادغار طرابلسي

وقياساً على الأرقام، يتّضح أن المعركة الأشد ستجري على مقعد سني واحد، إذ سيتمكّن المرشّح عدنان طرابلسي من تأمين أكثر من 7000 صوت تفضيلي، وهو رقم قد يجعل مصير أحد مرشحي المستقبل في مهب الريح ويحول مرشح الأحباش إلى صاحب سعادة.. كيف؟

إذا ما أخذنا أرقام إنتخابات 2009 كعيّنة لمقارنة وضع الأصوات التفضيليّة، وجمعنا حاصل الرئيس سعد الحريري (78382) بحاصل الوزير نهاد المشنوق (16583) كحاصل انتخابي مصدره دائرتين جمعتا في واحدة تكون النتيجة 94956 صوتاً هي حصيلة تشبيهيّة لما ستناله اللائحة في إنتخابات أيّار.

وإذا ما قسم حاصل 94956 على 11 مقعداً هي عدد مقاعد الدائرة، يتضح أن المستقبل يستطيع تأمين 8633 صوتاً تفضيلياً لكل مرشح لمساعدته في تأمين فوزه.

هذا على الورقة والقلم لكن على الارض فتجبر الماكينات على مراعاة أحوال الميدان، إذ ستكافح ماكينة المستقبل من تمتين "القبضة التفضيلية" على إسمي الحريري والمشنوق، ما سيعني تفوقهما بهذه الاصوات التي ستسحب من رصيد المرشحين الاخرين مما سيجعل سنياً واحداً منهم على الاقل عرضةً للاختراق الأكيد.. فهل هو المشنوق صاحب الـ16583 صوتاً؟

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة