المحلية

placeholder

زياد الشويري

ليبانون ديبايت
الأحد 22 تشرين الأول 2017 - 12:28 ليبانون ديبايت
placeholder

زياد الشويري

ليبانون ديبايت

حتّى لا يبقى داني شمعون شَهيد أكاليل وشُموع!

حتّى لا يبقى داني شمعون شَهيد أكاليل وشُموع!

"ليبانون ديبايت" - زياد الشويري:

يَستَذكِر محبّو الشهيد داني شَمعون إستِشهادَه في هذه الأزمِنَة الضّحلَة وسطَ زحمَةِ شهداء سَبقوهُ في تاريخ لبنان وآخَرين لا يُعدّونَ ولا يُحصَون استَشهَدوا بعدَه " لِيحيا لبنان" كَما تُذَيَّلُ أوراق نعيِّهِم، وذلكَ قبلَ أن يدخلوا قبرَ النسيان، قبرٌ أكثَر ظلمَةً وعمقاً من القبور الحجريَّة التي تحضُنُ جثامينَهم.

لَقَد آثَرتُ أن أكتبَ عَن داني شَمعون الذي عِملتُ إلى جانِبِه وإلى جانِبِ والِدي الذي كان حافظاً لأسراره وأسرار وطنية كبرى في حزب الوطنيين الأحرار عوضاً من أن أشارِكَ في احتفاليَّةٍ فيها ما فيها من الإحراجات، حَضَرَها خصومُ داني شَمعون قَبلَ حلفائهِ.

القداديس والقَرابين تُرفَعُ في هذه السنوات العِجاف بِحضور الرسميين وغير الرسميين ولستُ متأكداً عَما إذا كانَ داني شَمعون وإنغريد وطارِق وجوليان يشعرونَ بالرِّضا عَنها، هذا مَع تعاطفي التام مع شَقيقِه وكَريمَتِهِ وعائلَتِه ورِفاق الدّرب وكلّهم عَملتُ مَعَهم في الحِزب.

داني شَمعون ليَسَ شَهيداً عاديّاً، وقَد يبدو هذا الكلام إستِفزازيّاً بَعضَ الشيء ويوحي بتصنيفٍ للشهداء من درَجَة ممتاز وآخَرين من درَجاتٍ أدنى، لكنَّ الواقِعَ غير ذلك، فالشهداء المَغمورين الذينَ يَحيونَ في دموعِ أمهاِتهِم يوازون بكل تأكيد شهادَة داني وعائلَتِه ولا يجوز في مَعبَدِ الإستِشهاد إتباعُ التراتبيَّة.

داني شَمعون لِمَن لا يعرفُهُ رجل دَولَة من الطّراز الرّفيع، وقَد اغتيلَت الدّولَة وحلمَها وقيامَتها باغتيالِه، أو قُل هوَ الإغتيال الذي أسّسَ لاغتيال كل قيَم النزاهَة في الحكم، والإنفتاح على الشريك، ومحارَبَة الفَساد والإعتِدال والشراكَة الوطنيَّة ولا أخالُ وَضعَنا اليوَم وقَد وَصَل إلى هذا الدّرك إلا باغتيالِ كلّ هذه القيمَ عبر اغتيال داني شَمعون.

بعدَ كل هذه السنوات أجرؤ على القول وبخيبَةٍ عارِمَة أن الجرائِم السياسية في لبنان تمر من دون تبِعات وتُعتَبَرُ من مخلفات الحرب ويُطلَبُ من الناس دفنها مع ويلات الحرب تحت مسوغات طي صفحات الماضي والوحدة الوطنية وتناسي الأحقاد فيرث الأحياء رغد الحياة ونِعَم السلطة ويرقد الأموات في مقابر الذكريات.

وطن يعيش بلا محاسبة حيث الذاكرة الجماعية محنّطة وحيث يدخل الشهداء في بازارات أسواق عكاظ للبيع والشراء.وطن يهوى الذكرى السنوية وإضاءَة الشموع ووضع الأكاليل حيث لا تنفع الشموع في إضاءَةِ ظلمَة ولا الأكاليل في إنصاف الشهداء. لقد بقي من داني شَمعون تمثالاً في مسقط رأسِهِ تماماَ كما رُفِعَت التماثيل للمئات من زملائِهِ في الشهادَة ولم يتبقَّ لهم سِوى زيارات وكليشهات سريعة تُلقى على أضرحتهم .

لو بقي داني على قيد الحياة لكانت حياتنا الوطنيَّة مختَلِفَة، وعودَة المهجرين في الجَبَل مختلِفَة، والشراكَة الوطنيَّة مختلِفَة وتوازناتنا المسيحيَّة الإسلاميَّة مختلِفَة وأدائِنا الإقتصادي مختلِفاً وإصلاحَنا الإداري مختلِفاً، ومَع تأكيدي وقَناعَتي أنَّ عَهدَنا الرئاسي يَخطو خَطَوات حَثيثَة نَحوَ إنقاذ البلد من أزماته المزمنة، فإنهُ من نافِل القَول الإستنتاج أن وجود داني شَمعون كان ليحقق حلمه وحلم اللبنانيين يوم ترشحه لرئاسة الجمهورية وكان آنذاك تحت عنوان "قيامة لبنان".

وحتّى يتحّولَ الشهداء ومِن بينِهم داني شَمعون إلى شهداء وطَن لا شهداء شموع ودموع أسجّلُ تنهّداتٍ أربَعَة عَميقة أوّلها على قبرِ داني وثانيهَا على قبرِ والِدي وثالِثها على قبرِ إنغريد ورابِعها على قبرِ طفلَين لَو كُتِبَت لَهما الحياةُ لَكانا طرازاً من القادَةِ الشباب لا يشبِهونَ بعضَ أولاد وأحفاد الزعماء الذينَ يتنقلونَ بمواكب جرّارة، وأترحمُ على أحلامٍ أُجهِضَت وآمالٍ أُزهِقَت وعلى مستقبِلٍ أجهَدُ لتصويرِه مشرِقاً لأولادي دونَ جَدوى مرضِيَة.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة