"ليبانون ديبايت" - زياد الشويري
بعيداً عن المزايدة والنأي عن النفس الموضوعية (لأسباب تتعلق بالتجييش غير الضروري والضارّ قُبيل الترشح للإنتخابات التشريعية)، لا بدّ من الإعتراف، وإن بنكهة أسلوب "المبايعة"، أن قانون ال 15 دائرة أحدث ثقوباً في إطارات الحافلات الإنتخابية التي كان يستقلها في الماضي القريب والبعيد، محظيّون (حظوتهم في جعبتهم الممتلئة أو في جعبة غيرهم من الرعاة والمموّلين) فيما كان العديد من أصحاب الكفاءات (كفاءاتهم رؤوسهم الممتلئة وجُعَبُهم الفارغة) ينتظرون الصعود فيها دون أن يُكتب لهم مغادرة محطات الإنتظار.
كِتلٌ ستتقلص، ولو أن ضمورَها سيكون محدوداً وبأضرار جانبية، بيد أن إحتساب الأعداد الإجمالية من النواب التي ستُحسم منها، ستكون كافية لإعطاء دفعٍ كبير لقوى مستقلة، حزبية أو شخصية تطمح للجلوس على المقاعد الجلدية السوداء في الندوة البرلمانية.
نستطيع القول أن عَجَلَة الإصلاح في الحياة السياسية اللبنانية بدأت بالدوران بعد أن تآكلها الصدأُ بفعل قانون ال 60 والتشويهات المتراكمة التي ضربت دستور الطائف منذ أوائل التسعينات حتى اليوم.
عجلةٌ إصلاحيةٌ تدور ولكن يُسمع لها أزيزٌ (هو بقايا الصدأ المتراكم) يحتاجُ إلى ما يُشبه التشحيم حتى لا تتعطل عن الدوران عند أول منعطف أو مفترق طرق.
الترياق مُتاح، طالما أن فترة التمديد التقني تمتدُ إلى أحد عشر شهراً ويتمثل تحديداً بورشة تشريعية عاجلة تضع اللامركزية الإدارية وتشكيل مجلس شيوخ في مصاف الأولويات، على أن تترافق هذه الورشة مع حراك حكومي (فيه بَرَكة وليس حركة فحسب) يُنتج إصلاحاً سريعاً وملموساً وشفافاً في ملفات محددة أيضاً وهي: الكهرباء، الإنترنت، النفط، المواصلات والإنماء المتوازن والتعيينات الإدارية.
نقول ورشة في المجلس النيابي، وذلك لتعطيل المفاعيل النفسية للتمديد التقني لدى الرأي العام، فيُصبح مقبولاً للمرة الثالثة وإن على مَضض، لأنه سيكون تمديداً للإنجازات وليس لمخصّصات النواب المُمدَّد لهم والذين باتوا يعيشون منذ زمن طويل على نفقة المُكلّفين دون أي إنتاجية تشريعية ورقابية تُذكر.
من شروط هذه الورشة الحكومية النيابية المتوازية، تخفيض سقوف الخطاب الطائفي والمذهبي، حيثُ يُنتظر أن تقوى شكيمَتُهُ في الأشهر المُقبلة على خلفية الترشح للإنتخابات.
ومن نافل القول، أن الصوت التفضيلي على مستوى القضاء سيكون مادة دسمة لإبتداع منظومات وشعارات تنعر طائفياً ومذهبياً ومناطقياً، وسيكون لزاماً على أهل السلطة إذا ما صدقت النوايا أن يتخذوا قراراً له صفة العَجَلة المُكرَّرة بتشكيل لجنة مستقلة لمراقبة الإنتخابات بصلاحيات واسعة (تقريرية إلزامية لا إستشارية غير ملزمة) تمنع وتردع وتُغرِّم أي تعدّ على أعصاب اللبنانيين أو ما تبقَّى منها على خلفية الشعارات المذهبية والطائفية الضيقة.
عسانا نعبر إلى ضفَة أيار المُقبل (أو ما قبلَه ربّما) بعَجَلة إصلاحية مُشَحَّمة لا يَعترضُها صدأٌ ولا تُفاجئها ثقوبٌ تُوقف مصيرها ومسارها.
اخترنا لكم



