"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
ما نفع الوطن من دون مواطنين، وما الفائدة من مواسم وفصول متنوّعة وسط غياب روح الشّباب التي ترويها، وما الحاجة الى ثروات طبيعيّة في دولة تفتقر الى الانسانيّة والوطنيّة، وما الغاية من ارادة للعيش والطموح والنجاح والتفوّق والتقدّم في بلد "حقّ" كلّ إنسان فيه مجرّد "رصاصة"؟! أسئلة كثيرة تبقى من دون أيّ جواب، على مساحة 10452 كلم2. أسئلة تدفعك الى القول:"خذوا المدينة والجبل، البحر والثلج، الطبيعة والارض، خذوا ما تريدون وأعيدوا الينا شبابنا التي تروي دمائهم وحدها أرض الوطن. تملّكوا كلّ شيئ واتركوا اولادنا على قيد الحياة، خذوا لبنانكم واعطونا ابنائنا لنعيش في بقعة صغيرة معهم وسطهم وبين أحضانهم!
كلام يُعتبر قاسياً بعض الشيئ، يُفهم منه التخلّي عن الوطن والاستسلام الى الواقع، فالأمل الذي كنا نتمسّك به لنعيش في هذا البلد، بدأ "خيطه الرفيع" ينقطع، مع كلّ يوم وكلّ خبر يروي فاجعة أليمة وحادث مأساوي يذهب ضحيّته شباب من عمر الورد وجمال الربيع. كلامٌ ليس وطنيّاً هذه المرّة أو شعبويّاً أو ملطّف بالشّعر، بل كلام واقعيّ يفيد بأننا نعيش أزمة عمرها عشرات السنين لم تحّل ولن تنتهي في المدى المنظور، في ظلّ طبقة سياسيّة حكمت وتحكم وتورّث الحكم الى الاولاد والاحفاد، فيما الشباب إمّا يقتلون في بلدهم أو يحلّقون في الخارج.
مارسيلينو زماطا، ايف نوفل، صبحي ونديمة فخري، سارة سليمان، جورج الريف، ايلي نعمان، اليان الصفطلي، طلال العموري، خليل القطان، زياد القاصوف، نسرين روحانا، أديب محمد حيزان، رولان شبير، امل خشفي، آيا رحمون، لميس نقوش، وأسماء كثيرة غيرها، ملأت قوائم ضحايا السّلاح المتفلّت، لأسباب جدّ تافهة، لينضمّ اليها قبل أيّام روي حاموش الذي بوجهه البريء وضحكته الملائكيّة، رحل وأعاد الى الواجهة قضيّة يجب ألاّ تموت مع كلّ جريمة. من هنا كانت صرخة الاعلاميّة زينة باسيل شمعون النّاشطة الدّائمة في القضايا الانسانيّة والاجتماعيّة، والثقافيّة، والتي رأت في وجه روي، وجوه كلّ الضحايا ودمعة أهاليهم والمقرّبين اليهم، فقالت منفردةً "كرمال كلّ يلّي راحو لازم نكون نحنا سلاحن وندافع عن ولادنا وعن ذكراهم"، لينضمّ اليها شخصيّات ومجموعات، ارادوا رفع النّداء، والقول:"ضميرنا سلاحنا، ولا للسلاح المتفلّت.. لاقونا لنوصل صوتنا وصرختنا الانسانيّة للكلّ، يوم السبت السّاعة الحادية عشرة في ساحة الشّهداء وسط بيروت".
وقالت الاعلاميّة زينة باسيل شمعون في اتّصال مع موقع "ليبانون ديبايت":"اللّقاء هو بمثابة وقفة تضامنيّة، في ساحة "شهدت" على أوجاع اللّبنانيّين ودمائهم، لتكون يوم غد منبر حرّ، يعبّر من خلاله المواطن اللّبناني عن رأيه وموقفه من السّلاح المتفلت والجرائم التي يدفع الى تنفيذها، وفي العقوبات التي يراها مناسبة سواء تحت عنوان تطبيق عقوبة الاعدام او غيرها من أساليب المساءلة التي يعتبرها الانسب لتحقيق العدالة والنّيل من كلّ من يرتكب هذه الجرائم". مشدّدة على أنّ "السّاحة غداً لكلّ إنسان، حتّى يقول ما يشاء وعلى مسؤوليّته، من خلال "هايد بارك" يرفع فيه الشعارات والرسائل بشكل مستقّل ولو لم يتماشَ مع رأي المنظّمين وذلك انطلاقاً من مبدأ حريّة الرأي والتعبير".
وأكّدت شمعون أنّ "هذه الوقفة أتت نتيجة ما تعرّض له الشّاب المهندس روي حاموش، صاحب الابتسامة البريئة التي تحدّث عنها كلّ اللّبنانيّين، فأطلقتُ الصّرخة من خلال نشر أسماء وصور ضحايا السّلاح المتفلّت، داعيةً الى وقفة تضامنيّة "كرمال يلّي راحوا، وكرمال ولادنا"، فبدأت تكبر ككرة الثّلج، مع انضمام أصحاب القضايا الانسانيّة والاجتماعيّة اليّ، فوقفوا الى جانبي لتنظيم هذه الوقفة، وإيصال الرسالة، من بينهم جمعيّة "Safe Side" التي حملت قضيّة السّلاح المتفلّت ورفعت شعار "حقّ ابني مش رصاصة"، وتعمل على مواكبة هذه القضيّة وتوعية المواطنين إنطلاقاً من أنّ "السّلاح مش لعبة"، الى جانب السيّدة ندى حمزة النّاشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، والناشطة ميرنا شدياق، والنّاشط السياسيّ سلمان سماحة"، كاشفةً أنّ "رسالتنا انسانيّة بإمتياز، تعبّر عن رفضنا المُطلق لتفلّت السّلاح، وهذا الموت المجّاني على طرقات لبنان لاسباب صادمة وبسيطة، وعن رغبتنا في الوقوف الى جانب أهالي الضحايا ليشعروا بأنّ دماء أولادهم أو أحبّائهم لم ولن تذهب هدراً، وهم في البال والقلب دائماً، من هنا تمّ التواصل معهم، وسيطلقون الصرخة معنا يوم غد في ساحة الشهداء، بحضور شخصيّات اعلاميّة وفنيّة وناشطين لدعم هذه الوقفة التضامنيّة الانسانيّة".
وختمت شمعون بالتأكيد أننا "إذ نثمّن جهود القوى الامنيّة، وعمليّاتها النوعيّة وإجراءاتها اللّاحقة والسّريعة في توقيف الفاعلين ومطلقي النّار، نتمنّى عليها وعلى كافة المسؤولين وعلى الجهّات المعنيّة تكثيف الخطوات الاستباقيّة للفعل الجرمي، وتنظيم حمل السّلاح وشروط الحصول على رخص، ووضع حدّ لهذا التفلّت لمنع وقوع الجريمة، فلا شيء يعوّض الخسارة التي تُلبس عائلات الضحايا الاسود مدى العمر ولو شاهدوا المُجرم يرتدي اللّباس المخصّص للسجناء".
اخترنا لكم



