نعم سيدي.. فمطبخك مجهز بالفرن الكهربائي، كما توجد في ثلاجتك جميع المواد الغذائية المطلوبة للطهي، وذلك أمر حسن. خاصة انك طباخ ماهر تجيد ضبط المقادير وتحضير النكهة الطيبة. غير انك ستبقى، يا سيدي، دون عشاء ان انتظرت تلك الوجبة المأمولة (!) فالتيار الكهربائي مقطوع عن الفرن في مطبخك، والفرن لا يعمل دون كهرباء. وكمثل هذا التيار المفقود (الذي لا يعمل الفرن دونه) كذلك الثقافة الديموقراطية المفقودة في مجتمعاتنا لن تعمل الديموقراطية السياسية من دونها وإن عملت فستؤدي إلى إفساد الطبخة كما حدث في أكثر من مطبخ عربي، والشواهد كثر.
قبل الحديث عن الديموقراطية السياسية وتشعباتها المتمثلة في الانتخابات النيابية وصناديق الاقتراع أو تداول السلطة أو المشاركة الشعبية أو الحكومات المنتخبة، ينبغي الحديث مطولا عن (الثقافة الديموقراطية) ذلك أن المزايدة حول الديموقراطية السياسية، أو التسابق على رفع شعاراتها وتجاهل مقدماتها الأساسية، ما هو إلا ارتباك عربي يعبر عن غيبوبة الوعي الجمعي الواقع تحت تأثير القوى الانتهازية في تيار الإسلام السياسي التي وجدت في الديموقراطية والانتخابات مركبا مضمونا يمكنها من «الاستيلاء» على الحكم رغم طبيعتها غير الديموقراطية، واستعدادها لحرق المركب بعد الوصول.
في مجتمعات يكثر فيها الحديث عن «الأصالة والتراث والخصوصية الثقافية» وتصر على وضع الحصان خلف العربة لن تنفعنا الديموقراطية السياسية بل ستكون ضارة جدا وقد تلقي بنا في مهاوي الردى، ما لم نغير ما في انفسنا، وندرك أن أول الدروب المفضية إلى هذه الديموقراطية يمر عبر نشر ثقافة التسامح والإيمان بحق الآخر المختلف، وقبول التعددية العرقية والاجتماعية والدينية والمذهبية، والكف عن ثقافة الغرور والتعمية والتعالي وتوهم الخلاص واحتكار الحقيقة، وذلك أمر صعب المنال ولن يتحقق ما لم تقم الحكومات بدورها في تعزيز هذه الثقافة أو الفريضة الغائبة عن عوالمنا. أما دون ذلك فصناديق الاقتراع قنابل موقوتة كلما تم فتحها اشتعل ما في داخلها وانفجر.
اخترنا لكم

المحلية
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥

اقليمي ودولي
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥

المحلية
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥

المحلية
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥