مختارات

السبت 29 نيسان 2017 - 08:51 الديار

اسطنبول واورشليم : الطريق الى دمشق !!

اسطنبول واورشليم : الطريق الى دمشق !!

امس القسطنطينية وغداً اورشليم. هذا هو اللعب المثالي بأعصاب العرب، وبالعرب. بطبيعة الحال بأرض العرب. المنظّر الذي ذاب كما قطعة الجليد (الآخرون يذوبون مثله)، وصاحب النيوعثمانية احمد داود اوغلو هو من نصح رجب طيب اردوغان بالشعار اياه...

اوغلو كان يعتقد (أليس الذوبان في الظل اشد مرارة من الذوبان في النار؟) انه مثلما اخترقت ايران المنطقة العربية جيوستراتيجياً باعادة تأجيج الايديولوجيا، يمكن لتركيا ان تذهب الى ابعد من ذلك بتأجيج الايديولوجيا والتاريخ ايضاً...

هنا بيد السلطان العثماني السلاح الامضى، اي الحساسية المذهبية بعد ما ارتكب الايرانيون الخطأ القاتل بتكريس المذهبية في النص الدستوري. بالاحرى تكريس المرجعية المذهبية، ثم يدعون الى وحدة المسلمين. كيف؟

تعليق لافت لناعوم تشومسكي بأن الله الذي تورط ذات مرة وقال بشعبه المختار لن ينزلق الى هذه الغلطة مرة اخرى. بعد كل الذي جرى، ويجري، يحق لنا ان نتساءل ما اذا كان الله قد رفع الغطاء عن الاسلام والمسلمين...
الآن، معلقون اتراك وغربيون يتحدثون عن «صدمة اردوغان». ماذا لو ربح تركيا وخسر اسطنبول؟ حدث ذلك فعلاً في الاستفتاء الذي يجعله يدور طويلاً داخل المأزق. النسبة التي حصل عليها والتي تحيط بها الشكوك والظروف (المعروفة) ليست بالنسبة التي تليق بالباب العالي...

عودة الى اللعب على الساحة العربية. ايضاً وايضاً بأصابع محترقة. لا بد من اعادة استنفار الاتراك الذين رفضوا الديكتاتورية، ديكتاتورية اردوغان تحديداً، بالانقضاض على الاكراد في سوريا وفي العراق. طائراته اغارت على البيشماركة ايضاً. لكن مسعود برزاني الذي يسند ظهره الى البلاط العثماني اعترض برقة (نانسي عجرم) على مقتل عدد من افراد جيشه.
فريد زكريا، المعلق الاميركي الشهير من اصل هذي، سأل، عقب الاعتقالات الاخيرة في صفوف الشرطة التي يعتبرها جيشه الخاص، ما اذا كان اردوغان سيأمر باعتقاله نفسه لان شبح فتح الله غولن يستوطن حتى عظامه...

المعلومات تقول ان محادثات ذات منحى استراتيجي تجري في احدى الدول العربية بين فريق تركي رفيع المستوى وآخر اسرائيلي رفيع المستوى ايضاً. الطبق الرئيسي هو سوريا التي تبقى الهاجس التوراتي لبنيامن نتنياهو، وصولاً بطبيعة الحال الى الوضع العام في المنطقة.

المشكلة في السابق كانت العثور على نقطة التقاطع بين تركيا الكبرى واسرائيل الكبرى. الفقهاء من هنا والحاخامات من هناك تدخلوا وقالوا بالتداخل اللاهوتي بين النص التوراتي والنص القرآني. اردوغان طرح مسألة الكوندومينيوم (الحكم الثنائي) في المنطقة.

الاتراك مثل الايرانيين ينظرون الى عرب شبه الجزيرة، بل والى كل العرب بغطرسطة لامتناهية. شاه ايران المخلوع محمد رضا بهلوي قال لاحمد بهاء الدين، من هنا، اي من ايران الى مصر لا بشر. ثمة اهتمام بأهل الشام (سوريا ولبنان وفلسطين) ربما لانهم ابعد، نسبياً، عن ثقافة البداوة.

المحادثات على قدم وساق من اجل التنسيق الاستراتيجي بين انقرة وتل ابيب حول سوريا. جاريد كوشنير، الصهر اليهودي للرئيس دونالد ترامب والذي زوجته ايفانكا تبدو وكأنها سيدة البيت الابيض، ودون ان تطيق رؤيتها ميلانيا زوجة ابيها، يدفع بقوة بذلك الاتجاه ودون ان يكون صحيحاً ان الرئيس الاميركي يغازل نظيره التركي فقط من اجل «برج ترامب» في اسطنبول...

اردوغان يدرك ان الوصول الى قلب (وعقل) الادارة الاميركية ليس باستدعاء الدرع الصاروخية، وحيث كان الرهان الفاشل، وانما بالدوران حول هيكل سليمان. حاولوا ان تقرأوا مقالات دنيس روس لتتبينوا مدى افتتان اللوبي اليهودي بشخصية رجب طيب اردوغان...

اركان اللوبي الذين سبق وتحفظوا عن طموحات الرئيس التركي ما يمكن ان يهدد، ذات يوم، الامن الاستراتيجي لاسرائيل، يعتبرون ان الارقام الشاحبة التي حققها في الاستفتاء جعلته ضائعاً اكثر، وأكثر قابلية لعقد الصفقات بالحد الادنى من الايديولوجيا، وبالحد الادنى من التاريخ...

الذي ادار وجهه، ثم ادار ظهره، سريعا الى روسيا، بات جاهزاً للذهاب في اللعبة مع بنيامن نتنياهو الى اقصاها. الآن وقت مثالي للافادة من العلاقات المتوترة، او على الاقل العلاقات الضبابية، بين البيت الابيض والكرملين. الرجلان مقتنعان، وبامكانهما اقناع ترامب بذلك، بأن «حزب الله» على تخوم الجولان اخطر بكثير من «حزب الله» على تخوم الجليل...
هل يقوم نتنياهو بتلك الخطوة المجنونة والزحف نحو دمشق، وكما فعل ارييل شارون بالزحف على بيروت عام 1982، من اجل فرض معاهدة سلام تضع سوريا تحت الوصاية الاسرائيلية والتركية على السواء؟

ما هو موقف الروس في هذه الحال؟ لم يحركوا ساكناً حين اغارت الطائرات الاسرائيلية على مطار دمشق. لديهم حساباتهم الدقيقة، والصعبة، ومن بيونغ يانغ الى دمشق. الآتي اسوأ بكثير. بائس ستيفان دو ميستورا. رجل الدولتشي فيتا لا يصلح لازمة بدأت مع آدم وقد لا تنتهي يوم القيامة...


علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة