مختارات

الثلاثاء 11 نيسان 2017 - 07:16 اللواء

الأمر الواقع

الأمر الواقع

كما كان متوقعاً، بعد النقاش العقيم في مجلس النواب، بين النواب الذين ينتمون إلى كل القوى السياسية الممثلة في الحكومة، والذي دل بوضوح إلى عمق الاختلاف بينها حول الصيغة التي ستعتمد في الانتخابات النيابية، خلص مجلس الوزراء، الذي انعقد أمس برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة ومن يرغب من الوزراء الذين يمثلون مختلف القوى السياسية، للبحث عن صيغة للقانون العتيد يمكن أن تقبل بها هذه القوى وتشكل مدخلاً لإجراء الانتخابات النيابية بعد تمديد تقني وتوفر على البلد الدخول في مزالق الفراغ القاتل أو التمديد الممنوع نظرياً للمجلس الحالي.

إن لجوء مجلس الوزراء بعد مناقشات طويلة إلى تشكيل اللجنة الوزارية معناه بصريح العبارة ان الخلاف حول الصيغة التي ستعتمد في قانون الانتخابات العتيد ما زال قائماً، ولم يحصل أي تقارب بين ممثلي القوى السياسية داخل مجلس الوزراء وهو ما كان متوقعاً بل ومحسوماً بعد الاجتماع الذي عقد أول من أمس بين الرئيس عون ووفد رفيع من حزب الله، حيث أعاد الوفد التأكيد على تمسك الحزب بالنسبية الكاملة مع الانفتاح على الحوار مع القوى الأخرى بهدف الوصول إلى تفاهم على صيغة النسبية الكاملة، في الوقت الذي يعلم فيه حزب الله، أن ثمة اتفاقا قد تمّ بين الثنائي المسيحي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على الطبعة الثالثة التي أعدها رئيس التيار الوزير جبران باسيل والتي تقوم على المناصفة بين الأكثري والنسبي مع اعتماد المبدأ الذي ينص عليه المشروع الارثوذكسي، أي أن تنتخب كل طائفة نوابها في النظام الأكثري، ويعتبر الثنائي المسيحي أن أي قانون آخر يمكن أن يطرحه أحد الفرقاء يجب أن يمر حتماً من هذا القانون وذلك في الوقت الذي يعتبر حزب الله أن النسبية الكاملة يجب أن تكون الممر الأساسي لأي قانون انتخابات يسمح به الحزب أن يمر في مجلس الوزراء أو في الهيئة العامة لمجلس النواب، تماماً كما كان الأمر عندما أبلغ الجميع خلال أزمة الاستحقاق الرئاسي بان الاتفاق على انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية هو الممر الإلزامي لإنهاء الفراغ في رأس الدولة وإعادة انتظام عمل مؤسسات الدولة وتفعيلها.

الشيء الإيجابي الوحيد الذي انتهت إليه جلسة مجلس الوزراء أمس هو تراجع الرئيس عون عن تهديده بالفراغ في حال خيّر بينه وبين قانون الستين، وتأكيده لمجلس الوزراء بأن الفراغ ممنوع شرط أن يرفق التمديد التقني المقترح لمجلس النواب من قبل الأكثرية بالاتفاق بين الجميع على القانون الذي ستجري على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة، غير ان التطمين شيء والواقع المأساوي القائم بسبب عمق الخلاف بين أهل السلطة أنفسهم شيء آخر لا يبشر بإمكان الاتفاق في الوقت القصير المتبقي من انتهاء ولاية المجلس الممدد له على قانون جديد للانتخابات، ويحول بالتالي دون جعل التمديد الذي يلوّح به رئيس مجلس النواب نبيه بري أمراً ملزماً للجميع للحؤول دون الوقوع في هاوية الفراغ الذي يصيب أول ما يصيب العهد الذي وعد بعودة الاعتبار للدستور وانتظام المؤسسات، واستطراداً بعودة الحياة المتوقفة إلى شرايين الدولة، وبالتالي عدم تكرار تجربة الفراغ في رئاسة الجمهورية والتي دفع لبنان من رصيده العالمي ثمناً غالياً لها. ومع كل هذه الغيوم السوداء التي تغطي الجو السياسي العام، فلا يزال هناك ثمة أمل في إمكان أن تتوصل اللجنة الوزارية، خلافاً للمقولة الثابتة بأن اللجان مقبرة المشاريع، إلى توافق على صيغة القانون العتيد للانتخابات ويخرج البلد كما يراهن البعض من هذه الأزمة الوطنية كحالة في كل أزمة يقع فيها منذ قيام الدولة، وإن كانت كل الوقائع تؤشر إلى عكس ذلك تماماً، وتؤكد على ان التمديد بات أمراً واقعاً.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة