"ليبانون ديبايت" - المحامية رانيا إيليا نصرة:
هو وزير الداخلية والبلديات السابق بين الاعوام 2009 و2011، وجه شبابي سياسي واعلامي بامتياز، حاضر دوما في اي تجمع قانوني اصلاحي او انمائي. مقرر اللجنة التشريعية لنقابة المحامين في بيروت، حاضَر في القانون في جامعة القديس يوسف وفي الجامعة الأنطونية. له العديد من المشاركات في الهيئات واللجان الرسمية والمدنية على سبيل المثال لا الحصر هو مستشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ عام 2001، يشغل عضو اللجنة الوطنية للأونيسكو كما شغل عضو الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس. له العديد من المؤلفات القانونية والأوراق البحثية في مسائل دستورية وانتخابية وحول اللا مركزية الإدارية وقوانين الجمعيات والأحزاب وقطاع التربية والتعليم والشباب.
يستضيفني الوزير بارود في مكتبه في محلة مونو ببساطة لافتة تعلو نظراته الثاقبة، لا يُخفى على أي محاور ان يلمس لدى هذا الشاب مخزون كبير من الكفاءة العلمية والحصانة الذاتية. هو في غاية البراغماتيكية متسلسل الأفكار يتقن كلماته العربية التي يتبوأ بها بسلاسة لا نشهدها دائما في أبناء جيله. هو الوزير الأيقونة الذي احدث في البلاد موجة عارمة من المطالبين بتبوئه كرسي الرئاسة الاولى، ملهم في اطلالاته مقنع في هدوئه، شغوف فيما يقوله، ولكونه يملك الخبرات الواسعة في خبايا وخفايا القوانين الانتخابية ، حاورته في القانون الانتخابي وهو حديث الساعة.
يستهل حديثه الوزير بارود مشيرا الى أن اللبنانيين مثقّفين جدا ولكنهم في الوقت عينه هم مسيّسون يتبعون الفريق السياسي الذين ينتمون اليه، فاذا ارتأى الأخير أن القانون الانتخابي جيّد كان القانون برأيهم جيدا. ولكن هذه المعادلة غير صحيحة لأن الطبقة السياسية تنظر الى قانون الانتخابات من زاوية النتائج أي أنها تقرأ النتائج من ثم تبدأ بالصياغة. هذا أمر مؤسف لأنه حينها لن نكون أمام انتخابات بالمعنى الحقيقي للكلمة، يتابع بارود، بل أمام ما يشبه الانتخابات الفرعية. مثلا انتخابات 2009 التي جرت وفقاً لقانون الستين كانت مقاعد كثيرة محسومة ليس من الضرورة بالنسبة للأشخاص ولكن بالنسبة للقوى السياسية.
يشير بارود الى ان تسمية قانون الستين يعود الى أول ايام الرئيس فؤاد شهاب يومها كان هذا القانون يعتمد الأقضية ويومها كان قانونا جيدا كونه أتى بعد انتخابات العام 57 التي أقصت بتقسيماتها عدد من القوى السياسية وحوّلت عدد كبير منهم الى خارج المجلس مما ساهم في ثورة 58 وبالتالي أتت مبادرة الرئيس شهاب في محاولة منه لِلَمّ شمل القوى السياسية ضمن مجلس النواب يومها كان هذا القانون جيدا أما اليوم فهذا القانون يعني نظام أكثري بسيط يعتمد اللوائح وهو ما لم يعد مطبّق في اي من دول العالم باستثناء 3 دول منها لبنان، متابعاً أنه طبعاً في مجلس النواب هناك من يمثّل بعض الفئات تمثيلاً صحيح ولكن من المؤكد أن هذا القانون لا يسمح بتمثيل صحيح على مستوى 128 نائبا.
لذلك يرى بارود أن المطروح اليوم هو نوعان من القوانين:
اما نظام نسبي بالكامل أي مثلا أي أن تعتمد النسبية في 15 دائرة أو 13 او 9 او المحافظات التاريخية مشيراً الى ان أهمية النسبية تكمن في كونها تشبه التنوع اللبناني وتعبّر عنه بشكل أفضل وهي لا تضخم تمثيل أحد ولا تلغي تمثيل أحد فالذي يأخذ 60% من الأصوات لا يأخذ 100% من المقاعد وبالتالي لا تلغى نيابته ولكن لا يحوز على مقاعد من المفترض أن تعود لسواه.
اما النظام الآخر المطروح اليوم فهو النظام المختلط الذي يعتمد النسبية في عدد من المقاعد والأكثرية في عدد أخر.
يقول بارود انه وفقاً لمشروع الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب المعروف بمشروع فؤاد بطرس تمَ اقتراح 77 مقعد على الأكثري و51 مقعد ليتم انتخابهم وفقا للنسبي أي ما معناه 40% من المقاعد تنتخب على أساس النسبي و60% على أساس الأكثري مشيرا الى ان هذا الطرح تمّ بناء على معايير مسبقة وُضعَت في التقرير بشكل يسمح بصحة التمثيل، متابعاً أن النائب علي بزي تقدّم بمشروع قانون يعتمد على المناصفة أي 64 مقعد وفقاً للنسبي و64 مقعد وفقاً للأكثري، أما القوات والاشتراكي والمستقبل فقد تقدّموا بمشروع قانون انتخابي يوزع المقاعد وفقا لقاعدة الـ60/68 .
يعتبر الوزير بارود بأنه مهما كانت نسب التوزيع يبقى الأهم ماهية المعايير الموضوعية لتوزيع المقاعد بين أكثري ونسبي مؤكداً أنه فيما لو اعتمد النظام المختلط يقتضي - في الشق المتعلق بالنظام الأكثري - الغاء اللوائح واستبدالها اما بالدائرة الفردية واما بـ One Man One Vote وذلك لاعطاء النظام الأكثري مداه، مشيراً الى تفضيله للنظام النسبي الذي يعتمد 15 دائرة على أن يكون المختلط على سبيل التسوية. يستفيض هنا الوزير الشاب عبر اعطائنا مثال حول الأهمية الكبرى في توزيع المقاعد وفقا للقانون النسبي. فعلى سبيل المثال فيما لو أخذنا كعيّنة المقعد الماروني في طرابلس تبقى فرصه للنجاح 5% وفقاً للقانون الأكثري حتى لو صوّت له كل موارنة طرابلس ومعهم الارثوذكس وذلك لأن الاكثرية العددية في هذه الدائرة هي الغالبة وبالتالي محكوم على موارنة طرابلس الّا يمثَّلوا في الندوة أما فيما لو تم نقل هذا المقعد من قضاء طرابلس وفقاً للنظام الاكثري ووضعه في الشمال لانتخابه وفقاً للنسبي سيكون له تمثيل من داخل الندوة، لذلك يعتقد بارود أن النظام المختلط ليس بسيء اذا اعتمد لتطبيقه معايير موضوعية في توزيع المقاعد لأنه حينها يكون مدخل لادخال النسبية الى ثقافتنا الانتخابية.
اما عن القانون الارثوذكسي يشير بارود أنه طرح لمجلس الشيوخ وليس طرح لمجلس النواب، متابعاً أن المادة 22 من الدستور تنص على انشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية فلنجعل اذاً مجلس الشيوخ ينتخب على اساس القانون الارثوذكسي.
أما عن الكوتا النسائية، يؤكد الوزير بارود أنه يؤيدها انما على مستوى الترشيح وليس على صعيد المقاعد المحجوزة مسبقا. المطلوب من الكوتا، بحسب بارود، تكافؤ الفرص المعدومة اليوم اي الزام من يشكل لوائح بأن تكون المرأة جزء من هذه اللوائح وهو ما يتم اعتماده اليوم في عدد من الدول ويلقى نجاح كبير كونه يفرز نتائج لمصلحة المرأة لأنه يشبه نوعا ما السباق فكأننا وضعنا في الصف الأمامي عدد رجال مثل عدد النساء وليس وضعهن في الصف العشرين، مؤكدا أن المقاعد المحجوزة هي أكثر من فرصة بل هي حسم للانتخاب.
أما فيما يخص المغتربين الذين احتفظوا بجنسيتهم يقول الوزير بارود أنه يقتضي اعطائهم الحق بالاقتراع وفقا لمنطوق قانون الـ 2008 الذي كان يجب تطبيقه في أول انتخابات تجري بعد العام 2008 أي خلال دورة 2009 بحيث منذ ذلك التاريخ كان لا بد من تنظيم انتخابات في دول الاغتراب ولكنه لم يتم مشيراً الى المشروع المقدّم من الحكومة لاستحداث مقاعد للمغتربين تضاف الى عدد المقاعد النيابية. يتابع بارود أنه يجب اعتماد البطاقة الممغنطة التي تسمح لأي لبناني بأن ينتخب في مكان اقامته وهذا يوفر أجرة نقل ورشوة، أما فيما خصّ المسجونين ممن ليسوا مجرّدين من حقوقهم المدنية، يشير بارود انه يجب اعطائهم الحق في الانتخاب داخل السجون متطرّقاً الى وجوب تخفيض سن الاقتراع الى 18 عاما ولكن ذلك يقتضي تعديل المادة 21 من الدستور مؤكداً أن الصعوبة الحقيقية لتحقيق ذلك انما تكمن في ذهنية بعض القوى السياسية التي لها موقف مسبق في مسألة تخفيض سن الاقتراع يفيد بأن ذلك قد يؤدي الى خلل بالتمثيل بين الطوائف ولكنه وفقا لبارود هو منطق غير سليم بدليل أن نسبة الناخبين بين سن الـ 18 والـ 21 لا تتعدى الـ 7% وبالتالي لا يمُثّل أي شريحة كبرى من عدد الناخبين ولكن مشاركتهم الحيوية جدا خلال العملية الانتخابية تجعل تأثيرهم في ذهن بعض القوى السياسية أكبر من حقيقته في الارقام.
هذا من جهة ومن جهة ثانية يتابع بارود متسائلاً من قال ان هؤلاء سينتخبوا طائفيا؟ فان اقترعوا في الدوائر المختلطة لن يكون لهم أي تأثير، وفي الدوائر التي يتبعون فيها طوائفهم سينحصر تأثيرهم في النتيحة الانتخابية بنسبة 1 الى 2%، لذلك يجب أن يعطى للطاقات الشابة الفرصة في أن تكون جزء من الاختيار فهم لم يدخلوا بعد دائرة المصالح الضيقة وما زال صوتهم غير مرهون لأحد خاتماً بأنه في موضوع البلديات يشجّع على تخفيض سن الترشّح الى 23 بدل من 25 عاماً.
اخترنا لكم



