"ليبانون ديبايت" - المحامية رانيا إيليا نصرة:
النائب السابق صلاح ادوارد حنين ابن النائب والوزير السابق المرحوم ادوارد حنين هو ابن كفرشيما، حصل في العام 1979على الإجازة في الحقوق من جامعة القديس يوسف وفي العام 1982 نال شهادة ماجستير في القانون البحري من جامعة كارديف - المملكة المتحدة كما نال في العام 1991 دكتوراه في القانون الدولي من جامعة ساوثمبتون من المملكة المتحدة. هو من الوجوه البارزة في لقاء قرنة شهوان ويعتبر من الشخصيات ذات معرفة معمقة في القوانين الانتخابية باعتباره خبيرا في الشؤون الدستورية. في لقائنا الخاص معه في دارته في محلة السوديكو يستقبلنا النائب النشط بحفاوة ملحوظة ترافقهاعفوية وابتسامة لا تغادر محياه طيلة مدة حوارنا معه حول القوانين الانتخابية، وللأمانة يتوخى النائب الكريم لدى التطرق الى اي نقطة جدالية من مقاطعة حديثنا واللجوء الى مكتبته لتزويدنا بالمرجع المفسر او المثبت لفكرته وذلك بشغف واصرار منه على مشاركتنا مكنون معارفه الواسعة في هذا الميدان او ذاك.
يباشر الدكتور حنين حديثه مقيّماً قانون الستين مدلياً بأنه تمّ اقراره في عهد الرئيس شهاب بعدما كان قبله الرئيس شمعون قد اصدر قانون انتخابي يتم الاقتراع بموجبه على اساس القضاء ولكن تطبيق القانون القديم اوجد انشقاقات جدية بين القوى السياسية الفاعلة في حينه مما اوجد ضرورة لاقرار قانون آخر يعدّل الدوائر الانتخابية من جديد فكان قانون الستين الذي يجري الانتخاب على اساسه وفقا للنظام الاكثري.
يتابع الدكتور حنين حديثه مشيرا الى أن الستين لم يقتنع به الرئيس شهاب لعدم اقتناعه بحداثته وبأن موجب اقراره أتى ظرفيا بحيث كان في ذهن واضعه قناعة بموجب الانتقال بعده الى قانون انتخابي أكثر حداثة. يقول حنين انه اذا كان الستين قبل 57 عاما غير حائز على مواصفات النظم الانتخابية العصرية! فكيف يمكن الاستمرار بتطبيقه بعد مرور نصف قرن ونيف من صدوره؟ ولو اعتبرنا جدلا انه في الدورات السابقة اي في الـ 60 والـ64 والـ68 والـ72 تم اعتماده لاسباب عدة منها تأقلم الناخب معه ولكون جميع المعطيات الديمغرافية والسياسية كانت ملائمة لتطبيقه، فان مطالبتنا بتبنيه في لقاء قرنة شهوان ابتداء من العام 2005 كان مرتكزا على الانطباع التي تركته بذاكرتنا الانتخابات الاخيرة التي جرت على اساسه اي دورة 1972 بحيث بعد ما شهدنا ما شهدناه في دورات 1992 و1996 و2000 من قوانين انتخابية غريبة عجيبة كان قانون الستين بنظرنا هو الأصح .
ولكن بعد تطبيقه في دورة الـ 2009 تبين أن النتائج في مناطق عدة أتت مجحفة اذ تأكد انه لم يعد يمثل طموحات الناس خصوصاً أنه أظهرعدم توازن في الموضوع التمثيلي بين المناطق. المشكلة، يتابع حنين، تكمن في ان السياسيين يريدون قانون الستين لأنهم يعرفوا سلفاً حصصهم منه ولأن الطبقة السياسية عالبا ما يقلقها مواجهة النتائج المفرزة بفعل قانون انتخابي جديد. ولكن حتما، وفي حال اعتمد الستين، لن تكون النتائج محسومة هذه المرة 100% بفعل ما شهدناه خلال الانتخابات البلدية الاخيرة.
اما عن القانون الارثوذكسي، يشير الدكتور حنين بكون هذا النظام مناقض لمبدأ المواطنة التي تنص عليها المادة 95 من الدستور التي تبين كيفة الغاء الطائفية ومن ثم الغاء الطائفية السياسية اي بمعنى اخر هي المدخل لاقرار قانون احوال شخصية موحد مشيراً بهذا الاطار بأن الغاء الطائفية السياسية يعني استبدال العرف الذي كان قائما في الميثاق الوطني بمضمون نص المادة 95 من الدستور، بمعنى اخر لن تكون بعد اليوم المراكز الثلاث الاولى موزعة مسبقا لطوائف معينة بحسب العرف الميثاقي. المضحك اليوم هو ان البعض بدأ بالتفكير بكيفية انشاء مجلس شيوخ باعتبار انهم تقدموا خطوة نحو الغاء الطائفية غير مدركين ان عليهم اولا الاتيان بمجلس نواب على اساس غير طائفي. يتابع الدكتور حنين أن تطبيق المادة 95 من الدستور يجب ان يكون تدريجيا عندما يصبح المجتمع حاضرا وبرأيه يتطلب ذلك بين 10 و 15 عاماً لنتمكن من تحقيقه مستشهدا بقول للبطريرك السابق صفير الذي كان دوما يردد بأن الغاء الطائفية تأتي من النفوس قبل الغائها من النصوص. يقترح الدكتور حنين انه يمكن الغاء الطائفية السياسية بالذهاب الى عرف جديد عبر انتخاب الرئيس من الشعب فاذا كان الرئيس المستفتى لمصلحته مسيحيا ليأتي رئيس المجلس سنيا والاخر شيعيا او العكس ولنبقي على العرف في التوزيع المتوازن بين الطوائف اي الغاء الحصرية. يتابع الدكتور حنين ان النائب المنتخب على اساس الاورثوذكسي لا يمثل الشعب اللبناني بل يمثل طائفته مشيرا أنه كان من الممكن تطبيقه فيما لو كنا في نظام فدرالي طائفي ولكن ليس في ظل نظام برلماني رئاسي ومركزية ادارية مؤكدا بأنه سيحاربه للرمق الأخير لكونه يؤدي الى التقوقعية الطائفية.
فيما يخص القانون النسبي، يباشر حنين قائلا أنه فيما تم تطبيق الدوائر الوسطى والكبرى سنعيد فرز منظومة المحادل التي يخاف منها الناخب وهذا النوع من الدوائر يمثلها طبعا القضاء وفي حال اعتماده لدى تطبيق النسبي سنشهد على تكوّن تجمّعين كبيرين غير عقائديين بمعنى اخر ان الاحزاب المنتمية اليهما انما تحالفت فيما بينها ظرفيا دون اي انسجام وبهدف ربح اكبر قدر من المقاعد بنتيجة هذا التحالف. لذلك يؤكد حنين ان تطبيق النظام الاكثري مع اعتماد القضاء كما هو معمول به اليوم في الستين سيفرز نفس النتائج فيما لو طبقنا النسبي مع اعتماد الدوائر الوسطى والكبرى مع فارق بسيط يتجلى بامكانية خرق بعض المستقلين والاقليات وبعض الناشطين من المجتمع المدني ناهيك عن الاحزاب الناشئة او الصغيرة بمقعد او على الاكثر مقعدين في بعض الدوائر.
يتابع حنين ان الحل ليس طبعا في اعتماد لبنان دائرة واحدة وهذا النوع تعتمده اسرائيل لضرب العرب فيتم ترشيحهم ضمن لائحة واحدة على صعيد كامل الوطن بهدف تذويبهم. متابعاً أنه يستحيل اعتماد هذه الدائرة في لبنان فأولا يستحيل على النائب معرفة 128 نائبا ثم ان لبنان دائرة واحدة لا تتجانس مع الديمقراطية التي تحاسب ولا مع التمثيل الصحيح وبجميع الاحوال يبقى الافضل برأي حنين اعتماد الدائرة الفردية الوحيدة القادرة على كسر التحالفات والمحادل والمرشح عن دائرة فردية لا يكون رهينة ماكينة معينة او مال سياسي فالاقوى والاكثر كفاءة سيفرض نفسه ضمن الدائرة الفردية.
وبرأيه يقع موجب اختيار القانون الأمثل على المجتمع المدني مشيرا أن الأخير لم يعبر بشكل واحد وصريح عن القانون الذي يريده وبأنه كان الأجدى بناشطي المجتمع المدني المطالبة بقانون الدائرة الفردية وفرضه على الطبقة السياسية بدل نزول 30000 ناشط معبّرين عن نقمتهم على الطبقة السياسية التي أفرزها قانون مجحف. فالمحاسبة المطالب بها منهم يكرسها بنظره قانون انتخابي يعتمد على الدائرة الفردية التي تحرر الناخب وتمكنه من المحاسبة وتحسّن الاداء السياسي لدى الاحزاب بشكل خاص التي تصبح مرغمة بترشيح الأكثر كفاءة وبروزاً في عمله على صعيد الشأن العام.
وبخصوص اقتراع المغتربين يشير حنين أن على الدولة ان تقوم اولا بما يبقي اللبنانيين في بلدهم قبل ان نطالب بمشاركة المغتربين منهم بالاقتراع. يقول حنين أن المبدأ سليم وهو يؤيده ولكن الموضوع شائك وهناك معوقات كبيرة لوجستية فعلى سبيل المثال البرازيل حيث يوجد حوالي المليون ونصف ممن ما زالوا يحملون الجنسية اللبنانية، يستحيل ان يقترعوا جميعهم في السفارة اللبنانية لأن الكثير منهم يعيشون في مناطق جد نائية عن العاصمة ونكون بذلك بصدد حرمان شريحة كبيرة منهم من الاقتراع وهذا ليس المعوق الوحيد فهنالك اشكالية عدد الصناديق التي سنلحظها خلال العملية الانتخابية فهل من الطبيعي اعتماد ذات التوزيع الطائفي والجندري والمناطقي لها اي ان نوجد مئات الصناديق للاقتراع ... هذا غير منطقي فلتتوجه الدولة الى اعتماد ما سبقتها اليه فرنسا بما يسمى بـممثلي المهجر، ولكن الدولة لا تفكر حتى بتنظيم هذه الانتخابات.
اما عن مشاركة المرأة ضمن الكوتا يقول حنين انه مع مبدأ التكافؤ فيما بين الرجل والمرأة عن طريق استعمال كامل النصوص القانونية لحثها على الترشح تمهيداً امام مشاركتها على الصعيد السياسي بشكل متوازن مع الرجل مشيرا ان مسألة الكوتا النسائية توجب تعديل دستوري لتحقيقها وبدلا عن ذلك يقترح حنين منح الاحزاب حافز لدى ترشيحيهم للنساء على لوائحهم عن طريق منحهم تمويلا أكبر خلال العملية الانتخابية ولكن بشرط عدم ترشيحهم للنساء في الدوائر التي لا يحقق فيها الحزب نتائج مربحة متابعا ان التكافؤ لا يعني مناصفة بالضرورة بل يجب السعي قبل اي شيء لزرع هذا التكافؤ بمرحلة اولى في الوزارات والادارات الرسمية بحيث بعد 8 او 10 سنوات سنشهد على بروز مشهدية تبرز المرأة كشريك حقيقي للرجل في العمل السياسي. يستفيض الدكتور حنين بأنه مع المناصفة في التمثيل بين النساء والرجال على صعيد الوزارات والادارات الرسمية اي حيث يوجد تعيين في المناصب ولكنه ليس مع تكريس هذه الكوتا في مجلس النواب والبلديات متابعاً انه من غير المنطقي ان تطالب مثلا الشريحة من الناخبين المنتمية الى عمر اقل من الـ30 بحصة والاكثر من 65 عاماً بحصة من المقاعد النيابية! وبالتالي لتبادر النساء في الانخراط في العمل بالشأن العام ومشيرا عن وجود قدرات هائلة لدى النساء للوصول والمشاركة في العمل السياسي.
يختم حنين قائلا أنه مع تخفيض سن الاقتراع ولا سبب منطقي يفسر تردد او خوف بعض النواب من التصويت على هذا القانون مشيرا انه كما للبالغ سن الـ18 الحق بالزواج والقيادة والانجاب وفتح الحسابات المصرفية فأين الخوف من مشاركته في العملية الانتخابية، مضيفا ان لا حقيقة لمقولة ان الناخبين الشباب المسلمين هم اكثر عددية من المسيحيين باعتبار انه خلال 3 سنوات سينتخب من اتمّ سن الـ 21 عاما.
اخترنا لكم



