مختارات

الجمعة 17 آذار 2017 - 07:37 اللواء

دولة المزارع

دولة المزارع

قبل الاتفاق على الانتخابات الرئاسية وبعد إنجازه، رفع الرئيس المنتخب العماد ميشال عون شعار محاربة الفساد والمفسدين، واجتثاث جذوره في الإدارات العامة، وفي كل المرافق التي من المفترض أن تدر الواردات إلى خزينة الدولة، وتخفف من العجز فيها، ومن هدر المال العام لمصالح الطبقة السياسية التي ما زالت منذ التسعينيات تتحكم بالسلطة، وتتنافس في ما بينها على سرقة المواطن الفقير وتكديس المال العام في الجيوب وفي المصارف اللبنانية وغير اللبنانية.

وعندما عكفت الحكومة على درس اول مشروع قانون للموازنة العامة بعد انقطاع اكثر من عشر سنوات جدد سيّد العهد في كل لقاءاته مع السياسيين ومع ممثلي المجتمع المدني، تعهده بمحاربة الفساد والمفسدين، والابتعاد كلياً عن إرهاق كاهل الشعب بفرض ضرائب جديدة تطاله كما تطال لقمة عيشه ولو كان ذلك من أجل الموافقة على تعديل سلسلة الرتب والرواتب التي لم تعد تتماشى مع ارتفاع غلاء المعيشة بشكل جنوني في السنوات الأخيرة التي شهد فيها هذا البلد أزمات سياسية كبرى كأزمة الاستحقاق الرئاسي كادت أن تطيح به لو لم تحصل تلك التسوية ويملأ الفراغ في سدة الرئاسة الأولى ويستعيد اللبنانيون الامل، بإعادة انتظام المؤسسات الدستورية وتفعيلها لتكون في خدمة المواطن وتعمل على تحسين ظروف معيشته، وتوقف الهدر الكبير الناتج عن هريان الادارة وعن المحسوبيات والسمسرة التي يتولاها الذين اغتصبوا السلطة منذ عشرات السنين وأداروا ظهورهم للشعب لينهمكوا في عملية اقتسام الدولة وسرقة مواردها باسم الدفاع عن حقوق المواطنين وحقهم في العيش الكريم، وفي حصول الشباب منهم على حق المواطنة والتوقف عن الهجرة القسرية، بحثاً عن موطن آخر يوفّر لهم العيش بكرامة وعدم الوقوف أذلاء امام ابواب المتحكمين بهم وبرزقهم في وطنهم الأم.

غير أن كل هذه التعهدات لرئيس الدولة تبخرت في مشروع قانون الموازنة العامة التي أقرّتها الحكومة وأرسلتها إلى مجلس النواب، وفي مشروع قانون السلسلة، الذي يصبح قانوناً نافذاً، بعد ان يوافق مجلس النواب عليه، ولم يبقَ منها سوى الكلام الذي نشر في وسائل الاعلام على مدى الأشهر الأربعة التي مرّت على العهد الوفاقي، بعد الفضائح التي كشف عنها قانون السلسلة والمصادر التي لجأت اليها الحكومة ومعها مجلس النواب لتغطية كلفتها، والتي انصبت على المواطن العادي الذي يشكو من غلاء المعيشة ومن العوز الذي شارف حدّ الفقر وما دون الفقر من خلال فرض ضرائب عليه طاولت لقمة عيشه ومورد رزقه الوحيد واستثنت الاغنياء وأولئك الذين أثروا من المال العام على حسابه، وبذلك تكون سقطت كل شعارات العهد في ساحة النجمة، ومع سقوطها سقط رهان اللبنانيين على ان يشهدوا سياسة جديدة قائمة على محاربة الفساد والمفسدين واجتثاث هذه الأزمة المزمنة من جذورها، وتجذرت بدلاً عنها دولة المزارع المحمية من طبقة فاسدة العدوّة الأولى للشعب المسكين منذ امساكها بالسلطة وتحكمها بكل مقدرات الدولة.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة