مختارات

الثلاثاء 14 آذار 2017 - 07:41 الديار

كلام باسيل زاد جنبلاط تعنتا

كلام باسيل زاد جنبلاط تعنتا

في إنتظار إستكمال المواقف بالنسبة إلى مشروع قانون الإنتخابات النيابيّة الثالث الذي حضّره فريق عمل وزير الخارجية جبران باسيل، وفي الوقت الذي لا تزال فيه بعض الإعتراضات خافتة، عُلم أنّ رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» النائب وليد جنبلاط يستعدّ لتصعيد خطابه السياسي رفضًا لأيّ صيغة إنتخابيّة تُحجّمه سياسيًا، وهو سيلجأ إلى اللعب على الوتر المذهبي الدرزي، وذلك في مهرجان شعبي سيُقام يوم الأحد المقبل في 19 آذار، بمناسبة مرور 40 عامًا على إغتيال زعيم «الحركة الوطنيّة اللبنانيّة» في بداية الحرب الأهليّة، كمال جنبلاط. وفي المعلومات المتوفّرة أيضًا، أنّ رئيس «الإشتراكي» أعطى تعليماته بأنّ يكون المهرجان حاشدًا، لتوجيه رسائل في غير إتجاه أنّ الدروز ليسوا لقمة سائغة، وأنّهم لن يقبلوا بأن يُعاملوا كرقم صغير وهامشي ضمن المُجتمع اللبناني، بل كقوّة سياسيّة لها وزنها وقيمتها ضمن التركيبة اللبنانيّة، علمًا أنّ كلام الوزير باسيل عن رئيس مسيحي لمجلس الشيوخ الموعود ساهم في توسيع حجم الإعتراض الدرزي على مشروع الإنتخابات الجديد.

ولفتت أوساط سياسيّة مُطلعة إلى أنّ رفض النائب جنبلاط لمبدأ التصويت النسبيّ، أكان كاملاً أم جزئيًا، وكذلك لمبدأ تصويت الناخبين لمرشّحي طوائفهم، ثابت وسيستمرّ، ولو بقي وحيدًا في مُعارضته، لأنّه ينقل الواقع الدُرزي ككل من مكان إلى آخر، وينقل واقع «الحزب التقدمي الإشتراكي» من مكان إلى آخر، وينقل الزعامة الجنبلاطيّة التاريخيّة من مكان إلى آخر. وأوضحت أنّ النائب جنبلاط وعلى الرغم من أنّه يحظى بتأييد الأغلبيّة الشعبيّة داخل البيئة الدُرزيّة في لبنان، إلا أنّه ومع القانون النسبي سيخوض معارك إنتخابيّة لتشكيل لائحة من خمسة نوّاب من أصل ثمانية نوّاب محسوبين على المذهب الدرزي بحسب ما هو مُتفق عليه. وسيكون بمواجهة أصوات نيابيّة درزيّة مُعارضة له، أو على الأقلّ لم تصل إلى الندوة البرلمانية بمنّة منه.

وشدّدت هذه الأوساط على أنّ القانون النافذ حاليًا سمح للنائب جنبلاط بتزعّم الحالة الدرزيّة، وكذلك بترؤس كتلة نيابيّة «مُختلطة» لها ثقلها السياسي وتأثيرها في الحياة التشريعيّة، إضافة إلى أنّ هذا القانون منحه القدرة على التصرّف ببعض المقاعد الدرزيّة والمسيحيّة، بحيث يمنح مقعدًا هنا ويُساوم على مقعد هناك، إلخ. وأضافت الأوساط أنّ جنبلاط الذي فقد ورقة «بيضة القبان» التي كان يستغلّها أيّام الإنقسام العمـودي السابق بين قوى «8 و14 آذار»، لتحسين موقعه ضمن التركيبة السياسيّة اللبنانيّة، وصـار خـارج المُعادلات الأساسيّة على صُـعد تركيـب الحكومـات والتعيينات ووضع قوانين الإنتخاب، لن يقبل إطلاقًا بأن يفقد أيضًا الكتلة النيابية المُختلطة التي يرأسها، بحيث يتحوّل من «زعيم وطني» يُحسب له حساب، إلى مجرّد «رئيس حزب» مع مجموعة من النـوّاب الدروز الذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليـد الواحـدة!


وأوضحت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ عدد الناخبين الدُروز يبلغ نحو 200000 ناخب، أيّ ما نسبته 5 إلى 6 % من إجمالي ناخبي لبنان، وتواجدهم الجغرافي يتركّز في محافظة جبل لبنان، مع نحو 150000 ناخب، والباقي موزّعون بين محافظة البقاع ومحافظتي لبنان الجنوبي والنبطية إضافة إلى أقليّة صغيرة في بيروت، الأمر الذي يجعلهم مؤثّرين في دوائر محدودة جدًا، حتى لو جرى تغيير التقسيمات الإداريّة الحاليّة في أي قانون إنتخابي مُقبل. وأضافت هذه الأوساط أنّه في محافظة جبل لبنان يتوزّع الناخبون الدروز على أقضية عاليه (نحو 63000) والشوف (نحو 58000) وبعبدا (نحـو 27000) إضافة إلى أقليّة صغيرة في المتن (نحو 2000 ناخب)، ما يجعل من الشوف وعاليه «نقطة الثقل» الدرزي إذا جاز التعبير. وتابعت الأوساط نفسها أنّه باستثناء قضاء عاليه الذي يُشكّل الدروز فيه أغلبية تزيد قليلاً عن نصف عدد الناخبين الإجمالي، يُشكّل الدروز نحو 31 % فقط من نسبة إجمالي الناخبين في قضاء الشوف، ونحو 17 % من إجمالي عدد الناخبين في بعبدا، وهم بالتالي يحتاجون إلى أصوات الناخبين المسيحيّين والشيعة في بعبدا، وإلى أصوات الناخبين المسيحيّين والسنة في الشوف، وإلى أصوات الناخبين المسيحيّين في عاليه.

ولفتت الأوساط السياسيّة عينها إلى أنّ هذا ما يُفسّر فوز لوائح «الحزب التقدمي الإشتراكي» في كل من الشوف وعاليه، وخسارتها في بعبدا في الدورة الإنتخابية النيابيّة الماضية التي جرت في العام 2009، حيث صوّتت الكتلة الشيعيّة الناخبة ضُدّها بينما إنقسمت أصوات الكتلة المسيحيّة الناخبة. وتابعت أنّه بحسب إحصاءات آخر دورة إنتخابيّة أيضًا، نالت لائحة قوى «14 آذار» في قضاء بعبدا نسبة 77,5 % من أصوات المُقترعين الدروز، في مقابل 17,5 % للائحة قوى «8 آذار» والباقي أصوات موزّعة على مرشّحين مستقلين، من دون أن يؤمّن ذلك الفوز للائحة المدعومة من النائب جنبلاط، نتيجة قلّة عدد الناخبين الدروز نسبيًا، حتى في الدوائر التي يتواجدون فيها بكثافة. وأضافت أنّه حتى في قضاء عاليه حيث نالت لائحة قوى «14 آذار» نسبة 68 % من أصوات هؤلاء الناخبين في مقابل 27 % للائحة قوى «8 آذار»، وفي قضاء الشوف حيث نالت لائحة قوى «14 آذار» نسبة 86 % من أصوات الناخبين الدروز في مقابل 6 % للائحة قوى «8 آذار»، تحتاج اللوائح الدرزيّة إلى أصوات الناخبين المسيحيّين في عاليه وإلى أصوات الناخبين المسيحيّين والسنة في الشوف، طالما بقي إقليم الخروب مُدمجًا به.

وتابعت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها أنّ مبدأ التصويت النسبي ومبدأ التصويت المحصور طائفيًا، سيُفقد جنبلاط قدرته على إيصال نوّاب من خارج طائفته، وسيُفقده أيضًا سيطرته المُطلقة على البيئة الدرزيّة حيث سيُزاحمه كل من النائب طلال أرسلان بشعبيّته وبقدراته الذاتيّـة هذه المرّة وليـس عبر سيـاسة ترك أحد المقاعد شاغرا له! وقد يصل أيضًا الوزير السابق وئام وهاب أو النائب السابق فيصل الداود أو سواهما إلى الندوة البرلمانيّة، ليُصبح عندئذ وهج كتلة النائب جنبلاط أصغر فأصغر، وليُصبح ثقله السياسي على الصعيد اللبناني محدودا إلى أقصى الدرجات. وختمت هذه الأوساط، أنّه ليس من باب الصدفـة أن يُعـلن جنبلاط رفضه الكامل للقانون الجديد ولأي قانون يُهمّش الطائفة الدرزيّة، خلال مهرجان بذكرى «المُعلّم» كمال جنبلاط الذي كان أحد أبرز زعماء لبنان على الإطلاق، ويكاد ما تبقّى من هذه الزعامة الموروثة يندثر إلى الأبد!

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة