يدفع حزب الله بقوة في اتجاه إقرار قانون النسبية الكاملة على أساس أن لبنان دائرة انتخابية واحدة. ويدافع عن خياره بالإيحاء بأن هذا القانون وحده يستطيع أن يمنح المسيحيين المناصفة الفعلية على الرغم من أن نسبتهم لا تتجاوز الـ36.4، كما تؤكد دراسات حرصت وسائل إعلام الحزب على إبرازها مؤخرا.
وتشير بعض المصادر إلى أن رئيس تيار المستقبل رئيس الوزراء سعد الحريري أبدى انفتاحا على قبول هذا القانون لأن نتائج الدراسات التي قدمت له كشفت أن خوضه الانتخابات على أساسه سيؤمن له كتلة نيابية جيدة ويضمن إقصاء خصومه السنة.
وتدعم كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا القانون على الرغم من إبدائه انفتاحا على قبول قوانين أخرى، ولكن قانون النسبية يبقى الإطار الذي يجمع بينه وبين حزب الله والتيار الوطني الحر.
وحرص التيار الوطني الحر في الآونة الأخيرة على فصل موقفه من القانون عن موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث أن الرئيس عون يبدي انحيازا إلى قانون النسبية في حين أن التيار الوطني الحر يبدي بعض التحفظات عليه في مشهد يعتبره مراقبون مجرد عملية توزيع للأدوار.
المواجهة الغائبة
تبدو إمكانية فرض هذا القانون كبيرة في ظل الحضور الفاعل لحزب الله وإمساكه بزمام القرار اللبناني، وربما تكون القوى السياسية العاجزة عن مواجهته تعتبر أن السير معه في إقرار القانون الذي يريده يؤمّن عملية حصر للخسائر. ولعل أبرز دليل على ذلك أن خطابات الرفض لا تنطلق من عناوين سياسية عريضة بل تكاد تلامس حدود الخطاب اليائس وغير المرتبط بأيّ خطة مواجهة.
وأطلق النائب وليد جنبلاط، الذي كان قد شن مؤخرا هجوما عنيفا على قانون النسبية معتبرا أنه يمثل حالة إقصاء للمكون الدرزي، مؤخرا تصريحا يمكن وصفه بالشعري واليائس إذ قال "المهم في الجبل هو التأكيد على الشراكة مع القوات والتيار والكتائب وحزب الله وحركة أمل والجماعة الإسلامية".
كتلة القوى التي شملها تصريح جنبلاط تكاد تشمل كل خريطة القوى اللبنانية الفاعلة ما يؤشر إلى أن الزعيم الدرزي بات مقتنعا أنه لم يعد قادرا على لعب دور "بيضة القبان".
وكان هذا الدور يمنحه حضورا بارزا وقدرة على اللعب والانتقال من طرف إلى طرف، والحصول على مكاسب كبرى في كل إعادة تموضع، ولكنه انتهى مع سقوط ثنائية 8 آذار و14 آذار، واقتصار الحضور الفاعل على فريق حزب الله وحلفائه.
إذن قد يكون الحزب نجح في تفكيك كل الاعتراضات الممكنة على مشروعه. وكان لافتا أن الدعاية التي رسم من خلالها الحزب عناوين عريضة لقانون النسبية الكاملة تصوره بوصفه تضحية كبرى من الحزب يقدم عليها من أجل المصلحة العامة على الرغم من أنها لا تتناسب مع مصالحه وتؤدي إلى ضمور في حجم كتلته النيابية.
لا تنسجم دعاية حزب الله مع ما يكشفه التمحيص الدقيق والقراءة المعمقة في المآلات التي يمكن أن يتسبب بها إجراء الانتخابات على أساس النسبية الكاملة في ظل السلاح الذي يشكل ثقلا انتخابيا وازنا في ظل أيّ قانون.
يجعل هذا السياق من النسبية الكاملة ممرا إلزاميا لتحقيق المشروع الأساسي للحزب وهو المؤتمر التأسيسي الذي يتضمن إعادة هيكلة تامة للبنية السياسية للبلد.
شبكة التداعيات التي يمكن أن ينتجها قانون النسبية الكاملة تؤمّن عملية انتقال كاملة للحزب من القوة المباشرة إلى الشرعية وذلك يضمن تفكيك كل بنى القوى السياسية الكبرى والقوى التي لا تدور في فلكه. يضمن له كذلك خلق شبكة مواجهة متينة للمناخ الدولي الذي أبدى استياءه من تصريحات رئيس الجمهورية حول شرعية سلاح حزب الله.
اخترنا لكم



