ليبانون ديبايت – المحامية رانيا إيليا نصرة:
يستقبلنا الدكتور علي فياض في مكتبه داخل المجلس النيابي برصانة وهدوء يرافقانه دوماً في جميع إطلالاته. هو نائب من داخل كتلة حزب الله اِنْتُخبَ عن دائرةِ مرجعيون منذ العام 2009. حائز على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي حول الدين والسلطة. يشغل منصب أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانية - معهد العلوم الاجتماعية كما أنه باحث أكاديمي في جامعة أوكسفورد ـ لندن منذ أيلول 2007. شغل منصب المسؤول التربوي في حزب الله في العام 1983 بالإضافة إلى منصب مدير للمركز الاستشاري للدراسات والتوثيق منذ العام 1995 وحتى العام 2009.
يطالعنا الدكتور فياض حول موقف حزب الله من القانون الانتخابي الأمثل لاعتماده في لبنان مؤكداً أن الحزب قد عبّر مِراراً عن موقفه هذا على مرِّ السنوات وداخل اللجان الخاصة التي شكلت بالدعوة إلى تطبيق النسبية الكاملة مع تفضيل الدائرة الكبيرة؛ أي لبنان دائرة واحدة دون أن يكون لديه أي مانع من أن تكون المحافظات التاريخية الكبرى هي الدوائر المعتمدة وبجميع الأحوال يتابع الدكتور فياض بأن الحزب أبدى استعداده حول مناقشة حجم الدائرة إيماناً منه أنه لا يمكن لأي فريق أن يفرض على الآخر صيغة قانون انتخابي.
برأينا، يقول الدكتور فياض، إنّه في حال لبنان دائرة واحدة ولكي تأخذ النسبية مفاعيلها الكاملة يجب أن يكون هناك 3 لوائح كبرى اثنين تمثلان الكتلتين الموجودتين اليوم، إشارة منه إلى اصطفافي 8 و 14 آذار، بالإضافة إلى كتلة وسطية تمثل المجتمع المدني وتؤدي إلى دور وازن في لعبة التوازنات بين الكتلتين مما يطلق دينامياتِ تحديث بين القوى السياسية مشيراً إلى أنه كلما اتّسعت الدائرة كلما أعطت فرصة للاحزاب العلمانية بأن تتمثل لأنها تُصبح دوائر عابرة للحسابات السياسية.
يتابع الدكتور فياض حديثه مشيراً إلى مشاركته ضمن 3 لجان لمناقشة القانون الانتخابي الأمثل غير أن جُلَّ ما توصّلت إليه مناقشاته ضمن هذه اللجان على مرور 3 سنوات جعله خبيراً في موضوع القوانين الانتخابية دون تحقيق أيّ اتفاقٍ ماديٍّ حول إيجاد قانون يحوز على موافقة الجميع، متابعاً أنه يجب لدى إقرار أيّ قانون؛ الاحتكام إلى الدستور والطائف خصوصاً الاحتكام إلى المواد التي تشكّل خلفية ميثاقية للتعايش. فبحسب الطائف المحافظة هي الدائرة المعتمدة تاريخياً وإلغاء الطائفية هو هدف وطني ولا شرعة لسلطةٍ تناقضُ العيش المشترك وهذا العيش المشترك هو الهدف الرئيسي الذي نسعى إليه من خلال القانون النسبي. وهو يؤكد أنّه تمّ ابتكار القانون النسبي للمجتمعات التعددية التي تنحو منحى الديمقراطية التوافقية وهي إحدى المرتكزات الأساسية لحسن التمثيل معللاً بأنه وفق "ارنت ليبهارت" منظم الديمقراطية التوافقية أن النسبية إحدى مرتكزاتها الأساسية وقد درس ليبهارت النموذج اللبناني وخَلُصَ إلى اعتبارهِ ليس نظاماً ديمقراطياً كاملاً، لذلك يجب أن تعمّق الجوانب التي تنقله إلى ديمقراطية كاملة.
يعتقد الدكتور فياض أنه فيما لو طُبِّقَ النظام الانتخابيّ النسبيّ سيكون هناك تغيير في نتائج الانتخابات في الجنوب والبقاع لتصبح كتلة الحزب مع حركة أمل 15 نائبا أو 16 عوضاً عن 18 مشيراً إلى أن الخرق ستحققه إمّا بعض قوى اليسار أو بعض الشخصيات التي تمثل المجتمع المدني ومحالٌ أن يبقى التمثيل بنفس الحجم الذي أفرزه قانون الستين.
وأوضح الدكتور فياض أن الحزب لا يميل إلى وضع عتبة أبعاد في الدوائر الانتخابية مثل تركيا أو إسرائيل ومفهوم نصاب الأبعاد يعني أّن أيِّ كتلة مثلاً لا تأتي بـ 50% من الأصوات أو 10% لا تتأهل وتذهب أصواتها إلى كُتَلٍ أُخَر. فاعتماد هذه المعادلة، بنظره، يرمي في المبدأ إلى التقليل من التشتت داخل بنية المجلس النيابي، بحيث يصبح من اليسير اتخاذ أيّ قرار، ولكن وبالعودة إلى ليبهارت إنَّ التحالفات الكبرى هي إحدى مرتكزات النظام النسبي، لذلك يؤمن الحزب بأن من لديه حجم مقعد، ليدخل دون أن يتم تقييد أحد بأن يوضع أمامه أنصبة أبعادٍ معقدة هدفها قطع الطريق على القوى الصغيرة كل ذلك بهدف المزيد من الديمقراطية.
أما عن القانون الأرثوذكسي يدلي الدكتور فياض أنه سبق للحزب أن أيّده استناداً إلى تحالفه مع التيار ولكن يعتقد أن اليوم النقاش الانتخابي في البلد بات في مكان آخر. بكل الأحوال الحزب منفتح لنقاش أي نظام مطروح على الطاولة.
أمّا عن الكوتا النسائية يشير بأن حزب الله يدعو دائماً إلى تعزيز الحضور النسائي داخل أجهزة السلطة النيابية والحكومية وأيضاً الإدارية ونحن كحزب له أيديولوجيا دينية لا مانع لدينا على الإطلاق من تأدية المرأة دوراً سياسياً ودوراً اجتماعياً فاعلاً ولا نعاني من العُقدِ على الإطلاق. وفي الوقت ذاته نرى في الكوتا قيد على الممارسة الديمقراطية باعتباره ممكناً في إحدى الدوائر أن لا تتيح تركيبتها الاجتماعية أو ظروفها من توافر الكادرات المناسبة للالتزام بالقاعدة المحددة وفقا للقانون. لذلك لا يجب أن يكون هناك قيود لا على الناخب ولا على الأحزاب. لو أخذنا منطقة الهرمل مثلاً، فإذا كان هناك كوتا نسائية بنسبة 20 أو 30% قد يتحول هذا الأمر إلى قيد على خيارات الناخب أو الحزب لعدم توافر كادرات نسائية في هذه المنطقة قادرة على ملء مراكز الترشح.
استكمالاً لموضوع الكوتا النسائية يعتبر دكتور فياض أنه ليس في لبنان أيّ تمييز حقيقي بين المرأة والرجل. وهوعلى صعيدٍ شخصي قد دعم مشاركة المرأة بقوة في العمل البلدي مدلياً عن الإمكانية بأن نرى خلال الانتخابات القادمة مشاركة نسائية من ضمن حزب الله ضمن اللوائح الانتخابية.
أمّا عن ضرورة تخفيض سن الاقتراع وعما يشاع عن عدم موافقة بعض القوى السياسية لتخفيضه نظراً لوجود شريحة كبيرة من الشباب لدى الطوائف الشيعية بين سن الـ18 والـ 21 ممكن أن تؤدي مشاركتها إلى ترتيب نتائج مغايرة في بعض المناطق، فقد أكد الدكتور فياض أن هذا المنطق غير صحيح، باعتبار أنه على مستوى الطائفة الشيعية هناك تراجع كبير جداً في عدد الولادات وفي غضون سنوات قليلة سيكون ميزان الولادات هو نفسه لدى كل الطوائف إلّا في بعض المناطق مثل عكار أو مناطق زراعية أخرى، فلن يكون هناك أيّ تغيير في ميزان الولادات. أمّا عن موقف الحزب فهو بالطبع يدعو إلى تخفيض سن الاقتراع.
وحول مشاركة المغتربين يرى فياض أنه لا مانع لدى الحزب من الاستفاضة في دراسة هذا المشروع رغم أن حزب الله هو من الأحزاب التي أبدت قلقاً حيال مشاركة المغتربين في الانتخابات من داخل بلاد الاغتراب، ومردّ ذلك يعود إلى كون حزب الله ممنوع من الدعاية السياسية في أميركا أو العمل السياسي عدا عن أن المواطن الأميركي أو الأوروبي (في بعض الدول الاوروبية) الذي يشهر تأييده للحزب يُتّهمُ بالإرهاب. وبالتالي إنَّ انعدام فرص المساواة في الدعاية الانتخابية بين المرشحين تفتح الباب أمام الطّعن في نتيجة الانتخابات. ورغم ذلك فإنّ الحزب تجاوز هذا المعوّق الكبير، ولم يبدِ أيّ ممانعة من دراسة مشروع ممارسة المغتربين لحقهم في الاقتراع.
يختم الدكتور فياض مقابلته موضحاً أنَّ الحزب يريد من الحكومة الجديدة التعاطي مع مسألة الانتخابات كأولويةٍ وطنية؛ إذ يجب إقرار قانونٍ جديدٍ على أساسِ النّسبيةِ مع دوائر كبرى، تحديداً 13 دائرة وفقَ المشروع الذي رفعتهُ حكومة نجيب ميقاتي إلى البرلمان على الرغم أنه ليس المشروع الأفضل. وكرر أن ما يفضله الحزب هو النسبية مع اعتماد المحافظات الخمس الكبرى دوائر انتخابية أو اعتماد لبنان دائرة واحدة. أمّا بالنسبة لرأيه حول مشروع قانون One Man One Vote اعتبر الدكتور فياض أنه يؤدي إلى نتائج عادلة، وبشكل عام من حيث الحسابات الانتخابية يفرز هذا النظام ذات النتائج النسبية، والمعوّق الكبير لنظام الـ One Man One Vote هو أنّه يحتاج إلى إدارة انتخابية معقدة تُقْلَقُ منها القوى السياسية كونها تؤدي إلى انفلات اللعبة الانتخابية من يدِ الأحزاب، وبجميع الأحوال لا مانعَ لدى الحزبِ من تطبيقِ هذا النموذجِ الانتخابي، رغم يقينه بكونه مرفوض من قِبَلِ القوى السياسية الأخرى.
اخترنا لكم

بحث وتحري
الثلاثاء، ٢٩ نيسان ٢٠٢٥

المحلية
الثلاثاء، ٢٩ نيسان ٢٠٢٥

اقليمي ودولي
الثلاثاء، ٢٩ نيسان ٢٠٢٥

المحلية
الثلاثاء، ٢٩ نيسان ٢٠٢٥