عندما يذكر المشهد السياسي الطرابلسي المتنوع لا يمكن الا الوقوف عند العائلة الكرامية التي شكلت حقبة طويلة من الزمن كانت فيها المرجعية الاولى على الساحة الشمالية واستقطبت التفافا لافتا، حيث رسمت خطوطا للسياسة العامة تكرست نهجا على مدى اكثر من سبعين سنة وصولا الى الوزير فيصل كرامي.
السؤال الذي يطرح على الساحة الطرابلسية وسط هذه التيارات السياسية والقوى النافذة: اين يقف الوزير فيصل كرامي بالارث السياسي الذي يحمله؟ وهناك من يسأل عما اذا كان اقرب الى الرئيس نجيب ميقاتي او الى الرئيس سعد الحريري الذي لم يقطع خيوط التواصل معه...
لكن، ما يقلق الوزير كرامي في مشهدية طرابلس وقبل اي امر اخر هو مسألة الانماء والاقتصاد لان طرابلس في رأيه لا تزال خارج اولويات الدولة اللبنانية إذ لا مشاريع للمدينة والفقر المدقع ينتشر في كل زاوية وهي سياسة مستمرة منذ اكثر من 25 سنة ولدت ازمات اجتماعية وبيئية واقتصادية.
ما هو سر هذا الاهمال لطرابلس؟ في رأي الوزير كرامي ان طرابلس بالنسة لهم اما هي صندوق بريد واما هي لوائح شطب، وقد ادى ذلك الاهمال الى انهيار المجتمع الطرابلسي في ظل دفع كبير من الشعارات الخارجة عن عادات وتقاليد طرابلس وليس سهلا اقناع الدولة اللبنانية بأن طرابلس هي ضمن الدولة.
الدولة تعيش ازمة على كل الصعد
ويرى كرامي ان لبنان منقسم منذ 1948 بين فريقين، فريق مرتبط باجندة غربية وفريق اخر مرتبط باجندة عربية وقضيته فلسطين ونحن من هذا الفريق، ربما تحصل احيانا تسويات وتبويس لحى «تتقاطع مع مصالح لهم في الدولة، لكن في الاساس هناك معسكرين يتصارعين في لبنان. معسكر يقبض على السلطة والدولة ومقدراتها واوصل البلد الى ما وصل اليه رازحا تحت ديون 90 مليار دولار دون ان يبني شيئا حتى الخدمات البديهية بقيت غائبة.
ولا يزال يمعن في حكمه لاسباب لها علاقة بهيمنته على المال العام حفاظا على زعامته التي تقارب احيانا الالوهية، ممنوع حتى مراجعته او من ينتقده. وفريق اخر حيث اصبحت الاكثرية الشعبية مقسومة الى قسمين، قسم يناضل لاعادة الدولة اللبنانية الى خياراتها القومية والسياسية ونظافة الكف فعلا لا قولا، دولة القانون والمؤسسات والقضاء العادل وفريق ثانٍ غير مقتنع بهذا الشيء، وقسم من الاكثرية الشعبية اسميته «حزب الكنباية» للاسف الشديد يجلسون في بيوتهم.
ويشير كرامي الى ان الدولة اللبنانية تعيش ازمة على كل الصعد ولا يعرفون كيفية معالجة الازمة الاقتصادية، بل يحافظون على السمسارات والصفقات في الوقت عينه. ويعتبر ان السلطة السياسية لا تعرف حتى اليوم كيف تنتج قانونا للانتخابات بل همها الحفاظ على سلطتها.
المسألة في رأيه ترتكز على ان في لبنان دستوراً هو اتفاق الطائف ونحن مع تطبيق هذا الاتفاق يعني، نحن مع عدالة التمثيل وما يؤمن هذه العدالة فليفعلوه. ويوضح انه في عهد حكومة الرئيس ميقاتي جرت نقاشات طويلة حول قانون الانتخابات ومعظم الذين يتحدثون عن الانتخابات اليوم كانوا معنا على طاولة مجلس الوزراء ووافقوا على القانون الانتخابي الذي طرح وتحفظ الحزب التقدمي الاشتراكي لخصوصية نتفهمها. لكن لا نفهم لماذا الاخرون لا يريدون عدالة التمثيل ونسأل، لماذا لا يقفون على رأي الاكثرية الشعبية؟ فليجروا استفتاءات، واذا كانت الاكثرية تريد النسبية فنذهب اليها.
يأسف كرامي ان البعض مصر على احادية القرار في الطائفة السنية وقد رأيناهم خلال تشكيل الحكومة انهم لم يسألوا احدا، بل استثنوا الكل، بينما رفعوا عدد الحكومة للثلاثين كي يشارك باقي الطوائف. لا يعني هذا ان العلاقة مع الحريري ليست جيدة لكنني الفت النظر، فنحن قبل تشكيل الحكومة وما بعدها لم يتغير شيء في العلاقة.
ويتطرق كرامي الى مسألة علاقة الرئيس الحريري مع سمير جعجع فيقول جعجع عمل مصلحته الخاصة عندما كان يحتاج للحريري وهو اليوم يخطط وحده وينفذ ويقرر بعيدا عن الحريري واذا ارادوا فتح مكتب لهم في طرابلس فان اهالي طرابلس هم من يواجهون هذا الموضوع لان من قتل واستشهد ليس رشيد كرامي بل فريق كبير عريض يمثله رشيد كرامي، ليس نحن من سيواجه هذا الامر، الناس ايضا ستواجه».
قبل اي نقاش حول شكل التحالفات الانتخابية او تشكيل اللوائح يسأل كرامي، هل ستتم الانتخابات؟ وقبل موعدها بشهرين لا نعرف على اي قانون ستتم؟ وما هي الدوائر الانتخابية؟ الجميع بانتظار قانون الانتخابات، وهناك رأيان، الرأي الاول يتحدث به شريحة كبيرة وهو ان الانتخابات ستجري في ايار وعلى قانون 60، والرأي الثاني انه اذا لم تحصل الانتخابات في ايار فلا انتخابات وذاهبون الى الفراغ والفراغ لا دواء له، لان الدول التي كانت تجمع لبنان ليست متفرغة لنا، وفي حال انعقاد مؤتمر تأسيسي لن يتفرغ احد لرعاية هذا المؤتمر حتى السعودية ليس لبنان في اولوياتها رغم ارسالها موفدها الوزير السعودي السبهان وحركته كان فيها «بركة» وستظهر نتائج هذه البركة قريبا. فمعلوماتنا انه يريد جمع الكل في الطائفة السنية وقد سمعنا ان السعودية على مسافة واحدة من الجميع لان لا حصرية في الطائفة السنية.
في السياسة يرى كرامي نفسه مع الذين يشبهونه في الاعتدال والانفتاح لانه يرفض التعصب ويرفض الخطاب المتوتر، ويأسف للبعض الذين يعتمدون هذا الخطاب المتوتر من شتائم وتحريض، لكن يرى كرامي نفسه مع من يشبهه اي مع الرئيس ميقاتي. لماذا؟ يقول «خلال خبرتنا معه ومعايشتنا معاً خلال حكومته عرفنا خطه وخبرنا نهجه المعتدل»، ويضيف لكن هناك من يحاول استعمال الخطاب المتوتر منذ استعمالهم طرابلس صندوق بريد لرسائل محلية واقليمية كانت البلد تحترق بين ايدينا ولم نكن قادرين على تهدئة الجو وعندما انتهت الرسائل انتهى كل شيء واخذوا الشباب الذين استعملوهم الى السجون وسنكشف قريبا عن كل التفاصيل، فهناك من يتحمل المسؤولية امام الناس والقضاء والله لانهم ضحوا بالبلد وضربوا الاقتصاد.
يتساءل كرامي عما لدى الذين يطلقون اتهامات بأنه حليف النظام السوري وايران وحزب الله يقول «هاتوا دليلكم ان كنتم صادقين، انا على علاقة مع جميع الاطراف اللبنانية باستثناء القوات اللبنانية، لان الجريمة ارتكبت ضدزعيم طرابلس وابن مفتي ورئيس حكومة، اتحدث مع كل الناس، لكن من يجلس على طاولة الحوار ويقسم الغنائم ويؤلف الحكومات وكيف يأخذ الثقة وكيف تؤخذ. انا على رأس السطح حتى لو بقيت وحدي في لبنان سأقف في نصف طرابلس واقول انا ضد اسرائيل وضد الذين مع اسرائيل اما بخصوص الازمة السورية فاتحدى اي شخص يقول انني صرحت سلبا او ايجابا عن الازمة السورية. فانا طرابلسي واعرف التوازنات الاقليمية والدولية واعرف متى وكيف اتكلم واحمي اهلي واذا كان العداء لاسرائيل تهمة فليكن».
هواجس الحريري احتكار الطائفة السنية
يقول كرامي: ايران موجودة في لبنان بسفارة رسمية اذا كان هذا الامر لا يعجبكم خذوا قرارا في مجلس الوزراء باقفالها فهناك «تفنيص» على الناس يريدون تحريضهم فقط ثم يستفيدون ويكسبون الاموال على حساب المواطن، وانا اتبع سياسة عمر كرامي الذي كان يقول دائما لا نريد ان نرد حتى لا نؤثر في الاجواء لكن لم نعد نقبل الافتراء والظلم. ويشير كرامي الى ان التحالف في الانتخابات سيكون مع المجتمع المدني وانه يجد نفسه الى جانب ميقاتي لكن حتى الان لم يحصل اي اجتماع بانتظار قانون انتخابات.
وفي رأيه فان هاجس الرئيس الحريري الاتيان بكتلة نيابية كبيرة اما نحن فنسأل عمن يخدم البلد، اين هي المشاريع، واين هي الاوتوسترادات فطرابلس بحاجة الى مشاريع انمائية واوتوسترادات وانفاق وكل المشاريع التي بدأت في طرابلس منذ سنوات لم تنته بعد، وهناك مشاريع تذهب خارج طرابلس ولمتعهد ذهبي واحد. ولا يمكن كسر ما وصلنا اليه من تحريض وطائفي ومذهبي الا بقانون النسبية. والحريري يرفض هذا القانون لان هواجسه احتكار الطائفة السنية.
حجتهم، يضيف كرامي، السلاح انه بوجود السلاح لا يمكن تطبيق قانون النسبية لكن كيف شكلت حكومة بوجود السلاح ويعين وزير داخلية وهو اكبر سلطة امنية في لبنان بوجود السلاح وتعيين ضباط بوجود السلاح وتجري انتخابات بلدية بوجود السلاح وعندما نصل الى انتخابات البلدية نقول السلاح، بينما هناك ثلاث طاولات حوار مع حزب الله، حوار ثنائي وحوار وطني وطاولة مجلس الوزراء.
اخترنا لكم



