كما كل عام يعود ألم الخسارة والفقدان إلى عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجمهوره ومحبيه في 14 شباط. هذه الذكرى الأليمة والمُرّة منذ 12 سنة بعدما امتدت يد الإجرام والإرهاب لتنال من حلم اللبنانيين ومستقبلهم، عبر شاحنة مفخخة مليئة بمتفجرات الحقد في المكان الأحبّ إلى قلبه في وسط بيروت. بعد 12 سنة، تعود عائلة رفيق الحريري الصغيرة والكبيرة، الى تذكّر هذه القامة الوطنية التي كانت من قماشة نادرة لم يشهد لها لبنان مثيلاً من قبل، ضحّت بكل ما تملك من أجل مستقبل البلد ومواطنيه الذين يحبّون رفيق الحريري كما هو أحبّهم وعمل من أجلهم ومن أجل مستقبل أولادهم.
وتأتي الذكرى الأليمة هذا العام، وسط تطورات عديدة شهدها البلد وتيار «المستقبل» الذي كان حلمه على حد سواء. ففي العام الفائت، كان البلد لا يزال في ظل الشغور الرئاسي وإنعكاساته السلبية على العمل الحكومي
وعلى عمل مجلس النواب، أما اليوم فبات للجمهورية رئيس انتُخب نتيجة مبادرة وطنية كبرى أقدم عليها الرئيس سعد الحريري من أجل إنهاء الفراغ الذي أوصل البلد الى حافة الهاوية، وهذه المبادرة الوطنية والتوافق الذي جرى على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أدى الى تشكيل حكومة «إستعادة الثقة» بقيادة الرئيس سعد الحريري الذي أعاد الحلم والأمل والثقة بمستقبل افضل للبلد. كما أدى هذا التوافق أيضاً الى تفعيل العمل في كافة مؤسسات الدولة لا سيما مجلس النواب بعد أن كادت تتقهقر نتيجة الفراغ.
أما على مستوى التيار، فتأتي بعد إنتهاء التيار من إنتخاباته الداخلية التي أصر عليها الرئيس سعد الحريري بجميع مراحلها منذ انتخابات المندوبين مروراً بانتخابات المكتب السياسي الجديد خلال المؤتمر العام الثاني الذي انعقد في كانون الأول الفائت وانتخابات المنسقيات في مختلف المناطق الشهر الفائت وصولاً الى انتخابات القطاعات والمصالح المركزية قبل أسابيع. وأفرزت هذه الإنتخابات قيادات جديدة واعدة متنوعة طائفياً ومناطقياً مع حصة وازنة للمرأة والشباب فيها من دون الحاجة الى الكوتا التي كان يطالب بها ويصر عليها الرئيس الحريري دوماً خلال جميع المراحل. وأثبت كوادر التيار من خلال الروح الديموقراطية العالية التي شهدتها هذه الإنتخابات، أنهم يقرأون في كتاب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويعطون من قلبهم وعقلهم، من أجل الحفاظ على أمانته الغالية، والثبات على ثوابته الوطنية والعربية، وقيمه الاخلاقية والإنسانية، والارتقاء بتجربة التيار إلى حيث أراده أن يكون، تياراً ديموقراطياً، في موقعه الريادي الطبيعي، الذي يبقيه كما كان دائماً، رقماً صعباً في كل المعادلات، تماماً كما وصفهم الرئيس الحريري في بيان شكره في انتهاء هذه الإنتخابات.
فرّوخ
وكما كل عام، يتحضر تيار «المستقبل» وجمهور الرئيس الشهيد غداً الثلاثاء، لإحياء هذه الذكرى المُرّة والأليمة تحت شعار: «12 مرة... 14 شباط – المستقبل حلمك»، في قاعة مجمع بيروت للمعارض «البيال»، حيث «الإستعدادات جارية على قدم وساق لإستقبال المحبين والأوفياء وعائلة الرئيس الشهيد الصغيرة والكبيرة»، بحسب ما أكده الأمين العام المساعد لشؤون الفعاليات التمثيلية في التيار صالح فرّوخ في حديث الى «المستقبل» أمس، موضحاً أن «أكثر من عشرة آلاف شخص بينهم شخصيات رسمية وديبلوماسية إضافة الى كوادر التيار من مختلف منسقيات وقطاعات التيار من مختلف المناطق اللبنانية هم من بين المدعوين لإحياء هذه الذكرى الأليمة علينا وعليهم أيضاً، وسيحضر ممثل عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذه الذكرى».
وفي شأن برنامج الذكرى، كشف فرّوخ عن أن «إحياء الذكرى سيبدأ عند الساعة الرابعة من بعد ظهر غدٍ الثلاثاء، بالنشيد الوطني اللبناني ودقيقة صمت عن روح الرئيس الشهيد وأرواح رفاقه الشهداء الأبرار ومن ثم سيكون هناك عرض لأفلام وثائقية عن الرئيس الشهيد واليوم المشؤوم في 14 شباط 2005 قبل 12 سنة، وبعدها شهادات على الإنتخابات التي شهدها التيار منذ المؤتمر العام وحتى انتخابات مكاتب المصالح والقطاعات مؤخراً عبر كلمات مقتضبة، ليكون ختامها مسكاً مع كلمة حامل الأمانة دولة الرئيس سعد الحريري».
وعن المشهدية داخل القاعة، أوضح أنها «ستتسع لأكثر من عشرة آلاف شخص وستتوسطها شاشة عملاقة من أحدث الشاشات في العالم العربي وشعار الذكرى هذا العام مع صورة الرئيس الشهيد ونظرته نحو المستقبل»، لافتاً الى أنه «ستكون هناك مداخل مخصصة للشخصيات الرسمية وممثلي الأحزاب والفاعليات وأخرى للمدعوين من مختلف المناطق اللبنانية ومنسقيات تيار المستقبل».
وفي شأن شعار الذكرى «المستقبل حلمك»، شدد على أنه «يحمل الفلسفة العامة لرفيق الحريري منذ اتفاق الطائف مروراً بإعادة إعمار العاصمة والمطار والمرفأ والجامعة الوطنية والمدن الرياضية وغيرها من الإنجازات التي تحكي عن تطلعات الرئيس الشهيد الدائم نحو المستقبل»، مشيراً الى أن «في هذا الشعار تزاوج ما بين حلم رفيق الحريري بلبنان ومستقبل البلد وأهله وحلمه بمستقبل تيار المستقبل».
واعتبر أن «الرئيس الشهيد كان يتطلّع دائماً نحو المستقبل، كان ينظر إلى الغد قبل أن يقرر ماذا سيفعل اليوم، فهو بنى المطار الذي كان يراه أنه سيتسع في المستقبل لأكثر من ستة ملايين زائر سنوياً، وقد وصلنا اليوم الى هذا الأمر وما نراه من مطالبات بتوسعة المطار خير شاهد على ذلك»، مشيراً الى أن «الرئيس الشهيد كان يحلم أيضاً بجامعة وطنية ومجمّع موحّد يجمع جميع اللبنانيين من مختلف المناطق والطوائف وما يشهده مجمّع الحدث اليوم خير دليل على ذلك، وكذلك كان يتطلّع ويحلم ببناء الطرق والجسور لأنه كان يدرك مدى الفائدة الاقتصادية منها في المستقبل وربطها لمختلف المناطق وللبنان مع العالم الخارجي».
ولفت الى أن «الرئيس الشهيد كان يؤمن بمستقبل وسط بيروت الاقتصادي، فقام بإعادة إعمار وسطها وإزالة دمار وركام الحرب الأهلية، كذلك كان يؤمن بأن مستقبل أي وطن هو بتعليم أبنائه فقام بإرسال عشرات الآلاف من الطلاب من مختلف الطوائف الى الخارج وتعليمهم في أهم الجامعات والمعاهد»، معتبراً أن «علاقات الرئيس الشهيد الدولية والعربية ساهمت بالمحافظة على الاستقرار في البلد لأنه كان يحلم بمستقبل هذا البلد وأبنائه».
وتوجّه الى الرئيس الشهيد بالقول:» بعدنا عحلمك يا أبو بهاء، عم نحلم مع الرئيس سعد الحريري ومع حكومة إعادة الثقة التي يرأسها، ووجوده على رأسها أعطى الأمل لجميع اللبنانيين بمستقبل البلد، وهو يحاول ويبذل قصارى جهده من أجل تحقيق آمال الناس وتطلعاتهم».
موسى
من جهته، أوضح منسق عام الإعلام في تيار «المستقبل» عبد السلام موسى، أن شعار الذكرى «12 مرة.. 14 شباط.. المستقبل حلمك» مستوحى «من شعارات الـ 11 سنة الماضية، ربطاً بالبعد العام والخاص الذي تحمله الذكرى الـ 12، على مستويين: الأول، سياسي عام، ويتعلّق بما أنجزه الرئيس سعد الحريري، من خلال مبادراته، على المستوى الوطني العام من كسر لحلقة التعطيل والفراغ، وما يبذله من جهود للعودة بالبلاد والعباد إلى زمن العمل والإنجاز، كما كانت أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان يحلم بلبنان المستقبل، وما كان يردده الجميع آنذاك (البلد ماشي.. والشغل ماشي.. ولا يهمك) «.
أضاف: «الثاني، مستقبلي خاص، ويتعلّق بالمشهدية التي سيُهديها أعضاء تيار المستقبل وجمهوره للرئيس الشهيد في ذكراه الـ 12، تأكيداً على أنهم ماضون على دروب تحويل أحلام رفيق الحريري إلى حقيقة، ومن هذه الأحلام، ما يتعلق بتيار المستقبل والارتقاء بتجربته إلى حيث أراده الرمز المؤسس أن يكون، تياراً ديموقراطياً، من الناس، وللناس، ولأجْلهم، وهذا ما تحقق من خلال المسار الديموقراطي الذي وصفه الرئيس سعد الحريري بأنه يضاف بحروف من ذهب إلى كتاب المستقبل، خلال المؤتمر العام الثاني، وقبله وبعده، وما تخلله من إنجاز لانتخابات المكتب السياسي والمنسقيات والقطاعات والمصالح، حيث سيصار إلى تقديم الهيئات المنتخبة إلى الجمهور، مع كلمة مقتضبة لكل هيئة، تعبر عن ثوابت رفيق الحريري ورسالة التيار».
وشدد موسى على أن «لذكرى رفيق الحريري وقعها الخاص في قلوب وعقول كل من أحبه، وهي تأتي كما في كل عام، وبعد 12 عاماً، لتقول للجميع، إن المستقبل ما زال حلمه وحلمنا جميعاً، وأن حضوره أقوى من غيابه، ويزداد قوة وتوهّجاً عاماً بعد عام، لأنه باختصار، كان مشروع وطن، وأصبح بعد استشهاده وطناً لمن يحبّه، خصوصاً أن ثوابته التي يتسلّح بها الرئيس سعد الحريري، بكل اعتدال، ما زالت إلى اليوم تُنقذ لبنان من المجهول، وتُعيده إلى زمن العمل والأمل».
اخترنا لكم



