مختارات

ثريا عاصي

ثريا عاصي

الديار
السبت 04 شباط 2017 - 07:08 الديار
ثريا عاصي

ثريا عاصي

الديار

ترامب وتفويض الجيران في حرب اللاجئين!

ترامب وتفويض الجيران في حرب اللاجئين!

لا مبالغة في القول أن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب يشغل البال في بلدان العرب بدرجة تفوق ما كان يجري بمناسبة الإنتخابات الرئاسية الأميركية السابقة . الرأي عندي أن مرد ذلك عائد إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وهي بصدد تنفيذ خطة كبيرة في منطقة الهلال الخصيب منذ ثمانينيات القرن الماضي، قد وصلت إلى مرحلة حاسمة من خلال ما سمي «الربيع العربي»، ولكن يبدو أنها تعثرت في بلاد الشام، حيث سقط القناع وظهرت حقيقة هذه الخطة بجلاء. فلم تجد في بلاد الشام فتاوى شيوخ النفط وخطب بلدان الاستعمار القديم ولا إجتماعات «اصدقاء الشعب السوري» الفرنسية، الذين يتناقصون دون توقف من اجتماع إلى آخر، ولا المجالس «الوطنية» الثورية السورية الإسطنبولية، ولا الإئتلافات السورية ـ القطرية، ولا الهيئات السورية ـ السعودية، ولا قوات سورية الديمقراطية الكردية ـ الأميركية . ناهيك عن المتغيرات والمتبدلات في التسميات والولاءات والمواقف التي توالت منذ 2011!

فأخشى ما أخشاه الذين وضعوا «يدهم في يد أميركا» عملاً بنصيحة «أعضاء الخلية القطرية» للفكر الإستراتيجي، إذا جاز القول، هو أن يتخلى الرئيس الأميركي الجديد عن خطة أميركا في الهلال الخصيب أو أن يُدخل عليها تعديلات جوهرية بناء على الإستنتاج بأنها غير قابلة في الظروف الراهنة على الأقل للتحقيق، لأسباب متعددة منها قوة المقاومة الوطنية السورية التي لم تكن متوقعة استناداً إلى حسابات الأعداء، صلابة الحلف الذي يضم سورية وإيران والمقاومة اللبنانية، وأخيراً استشعار روسيا والصين بخطر حماقة الدول المنضوية في حلف الناتو تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية.

مجمل القول أن الصعوبات التي صادفتها الولايات المتحدة الأميركية في سورية (ست سنوات من الحرب البربرية )، أي بمعنى آخر أن عجز الولايات المتحدة الأميركية عن تفكيك الدولة السورية، وعن تفكيك جيشها على وجه الخصوص، ناهيك عن أن الحرب على سورية أنهكت أيضاً أتباع الولايات المتحدة الأميركية المحليين والإقليميين ( أزمات السعوديين العثمانيين )، جعل هذا كله أبواب الرئاسة الأميركية مشرعة أمام رجل يحمل خطاباً ينضح بالشعبوية والعنصرية والجشع في ثروات الشعوب في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

يقول المفكر الأميركي نعوم تشومسكي «ان ما يمكن توقعه من دونالد ترامب هو انه سيأتي بما ليس متوقعا». يتضح ذلك فيما يخص السياسة الأميركية في الشرق الأوسط في ثلاثة محاور :

ـ المحور الأول : لقد عبر الرئيس الأميركي، بشكل أو بآخر، أثناء حملته الإنتخابية، وفي تصريحات منسوبة إليه بعد فوزه بالرئاسة، عن نفوره الشديد من المسلمين إلى حد وصمهم جميعاً بصفة الإرهاب . هذا جعله يتخذ قراراً بمنع مواطني 7 دول ذات غالبية إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأميركية، علماً أن القرار صدر فجأة وبدأ العمل به فوراً، بينما كان بعض المشمولين في المطارات!

المفارقة هنا هي أن هذا الإجراء استثنى مواطني بلدان الخليج، رغم أنه من المعروف أن حكومات هذه البلدان، تبنت جماعات الإرهاب الإسلامي وكانت وراءها في كل مكان ظهرت فيه . كما أنه خرج من هذه البلدان الكثيرون من الإرهابيين . وفي هذا السياق، يمكننا القول دون حرج، أنه إذا كان الإخوان المسلمون أوكلوا أمرهم إلى أمراء قطر فإن آل سعود جعلوا من الوهابية عقيدة «جهادية» في حروب الولايات المتحدة الأميركية بالوكالة.

ينبني عليه أن الرئيس الأميركي يضمر كراهية شديدة، لجميع المسلمين، باستثناء الوهابيين الذين يتحركون تحت رعاية السعوديين والأخوان المسلمين الذين يأتمرون بأمر أمراء قطر والعثمانيين الجدد.

ـ المحور الثاني : يفهم من المواقف التي أعلن عنها الرئيس الأميركي في موضوع العلاقة التي تربط بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة وبين إسرائيل من جهة ثانية، ان هذه العلاقة هي اندماجية، أو اتحادية، إذا جاز التعبير : خذ مثالاً على ذلك إقدامه على تعيين صهره، جارد كوشنر، مستشاراً أول في البيت الابيض، علماً ان المعروف عن هذا الأخير إنه يمول المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، لم يكتف بهذا فقط وإنما اسمى أيضاً سفيراً للولايات المتحدة الأميركية في إسرائيل دافيد فريدمان، رئيس أصدقاء مستعمرة بيت آل في الضفة الغربية، الذي سارع إلى القول «انه ينتظر بفارغ الصبر أن يباشر عمله في سفارة أميركا في عاصمة إسرائيل الأبدية». يحسن التذكير في هذا السياق أن الرئيس الأميركي لا يعتبر المستعمرات في الضفة الغربية عائقاً «أمام عملية السلام»، مشجعاً بهذا الموقف دعاة ضم الضفة الغربية إلى اسرائيل!

المحور الثالث : من المحتمل أن يكون عجز الولايات المتحدة الأميركية كما ذكرنا أعلاه عن تفكيك الدولة السورية، دفع الرئيس الأميركي الجديد إلى أن يخلط الأوراق على الساحة السورية تحت عنوان «المناطق الآمنة». وترجمة ذلك كما أتصور يتجسد عملياً، بنقل مخيمات اللاجئين السوريين إلى داخل الأراضي السورية، إلى مناطق آمنة، تكون جميعها تحت حماية الولايات المتحدة الأميركية، وكل منها تحت إدارة الدولة التي كانت تستضيف المخيم المنقول . ينجم عنه أن المقترح الرئاسي الأميركي يقضي بأن يقتطع الأردن ولبنان وتركيا (عسكريا طبعاً) منظقة حدودية سورية من أجل إسكان اللاجئين السوريين الموجودين على أرض هذه الدول الثلاث . فشلت الحرب بالوكالة من اجل «الحرية والديمقراطية»، لتستبدل بحرب «بالتفويض» من أجل «إعادة اللاجئين». فلا غرابة حيال سياسة الشدة والدهش الأميركية في أن ترسل دول أوروبية حملات عسكرية من أجل إحتلال «مناطق آمنة» في سورية!

لا شك في أن الرئيس الأميركي الجديد، يجهل أن اللاجئين السوريين ليسوا جميعاً، مرتهنين للسعوديين ولمشايخ قطر وللعثمانيين الجدد هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فعلى الأرجح أنه يجهل أن في لبنان لبنانيين يحبون سورية والسوريين الوطنيين، كما في الأردن، وان الأتراك لا يؤيدون بالضرورة سياسة العثمانيين.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة