الموازنة العراقية.. إرث وطامعون

مرة أخرى يختلف العراقيون، لكن هذه المرة على ميزانية الدولة، التي تنتظر أن يصوت البرلمان عليها، فما إن حُددت الميزانية بنحو 84 مليار دولار، حتى أثار ذلك استياء لدى أكثر من جهة على النسبة والقسمة.

ومن أول المعترضين على ذلك سلطات البصرة في الجنوب، التي تزود العراق بنحو 70 في المئة من ميزانيته، وأكراد العراق في الشمال، فضلا عما أثارته الميزانية المقترحة من جدل بشأن حصة الحشد الشعبي، إذ يبدو أن تقاسم كعكة الميزانية لن يكون أول أسباب الاختلاف ولا آخرها.

وتم تحديد مشروع الموازنة بـ100 تريليون دينار عراقي أي ما يعادل نحو 84 مليار دولار، مع توقع عجز قد يبلغ 17 مليار دولار.

وفي التصويت الأولي، تم الموافقة على مقترح الاتحاد الوطني الكردستاني بتخصيص 17 في المئة من أموال الموازنة لإقليم كردستان العراق، وذلك بموجب اتفاق بين المركز والفيدرالية، ينص على توريد 250 ألف برميل من النفط يوميا من الإقليم إلى بغداد.

وفي الإطار، سارعت البصرة في الجنوب إلى الاعتراض على هذا التقسيم، على اعتبار أنها مركز نفطي هو الأغنى على الخريطة العراقية ويزود العراق بـ70 في المئة من ميزانيته.

وإذا كان اعتراض البصرة، نفطي، فالأكراد معترضون أيضا كون تقسيم الغلة العراقية، لم يرق إلى مستوى رضا الحزب الديمقراطي الكردستاني والذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود برزاني.

فموقف حزب برزاني رسم تصعيديا جديدا بتهديدها بعدم الاعتراف بأي موازنة إلا بعد تعديل فقرتها الخامسة، وتعديل الفقرة المذكورة يعني ترحيل مصير الموازنة المالية إلى ساحات القتال الأشرس.

فالمعني بالتعديل، هم مسلحو البشمركة، حيث تطالب كتلة برزاني باحتساب رواتب 100 ألف منهم من الموازنة بشكل مباشر، فيما تنص الموازنة على تخصيص ربع ذلك الرقم.

وتزداد المطالب حدة لدى الوصول إلى ضفة الحشد الشعبي مع تمسك التحالف الوطني، بمنح مسلحيه 30 في المئة من الغلة الاتحادية، وذلك كثمن لقتالهم ضد داعش، على حد تبريرهم.

حسابات سياسية، مرفوضة لدى الأطراف الأخرى، إذ لدور الحشد الشعبي تفسيرات مغايرة لا تصب في مصلحة العراق بتاتا.

وباسم المصلحة العامة هذه، تستمر معركة شد البساط بين الأطراف، وهي مزاحمة يراقبها المواطن العراقي على أمل وحيد في أن يصل ولو طرف بسيط من البساط إلى بابه.

Select

Select

Select