ليس سراً على أحد أنّ لبنان يمر بأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية هي الأصعب منذ زمن طويل رغم إنتخاب العماد عون رئيساُ للجمهورية في الدورة الثانية بـ 83 صوتاً (أي بالأكثرية المطلقة ) مقابل 36 ورقة بيضاء للوزير سليمان فرنجية. وكان قد نال الرئيس عون 84 صوتاً في الدورة الأولى مقابل 36 ورقة بيضاء، فالجنرال نال أصواتاً كافية لإعطائه شرعية مريحة للحكم بقوة وفرض نفسه.
صحيح أنه على المستوى السياسي، عقدة الفراغ الرئاسي قد حُلّت، لكن تبقىَ عقدتي التكليف والتأليف، كذلك عهد من ستة سنوات مثقل بالأزمات والمشاكل والتعقيدات المحلية والخارجية.
من الطبيعي أنّ تعمّ الافراج في المناطق ويبتهج أغلبية الشعب اللبناني بانتخاب رئيس جديد بعد فراغ رئاسي دام سنتان وخمسة أشهر لدرجة أن البعض يعتبر الرئيس الجديد هوالمخلّص والمنقذ الوحيد لأزمات لبنان، فكيف إذا كان هذا الرئيس رجل يحظى بأكبر قاعدة شعبية مسيحية وأيضاً بشعبية عابرة للطوائف ورجل أمضى حياته بالنضال من أجل سيادة، وحرية واستقلال لبنان.
يقول مصدر رفيع في التيار الوطني الحرأنّ مهمة الرئيس لن تكون سهلة أبداً والرئيس عون يدرك ذلك تماماً. ويضيف المصدر أنّ مسؤوليات الرئيس كبيرة جداً لكن الاثقال الملقاة على كتفي الرئيس ميشال عون هو أكثر بكثير للسبب الوجيه وهوأنّ الشعب ينتظر منه كل شيء لكن ميشال عون ليس قديسا يجترح معجزات، يضيف المصدر الذي يقول أنّ على الطبقة السياسية والشعب اللبناني أنّ يراقبا جيداً اداء الرئيس عون وعلى من يعارضه أنّ تكون معارضته بنّاءة وليس لإفشال مهمته وتشويه إنجازاته بل لتصويب المسارالخاطئ نحو الأفضل.
الرئيس ميشال عون يتمتع بدعم حزب الله والقوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب الإشتراكي بالإضافة إلى عدة نواب مستقلين وهذه التحالفات أوصلته إلى قصر بعبدا بزخم كبير تؤكد المصادر لكنها من المرجح أن تسبب له ولرئيس الحكومة المكلف (الأرجح سعد الحريري) مشكلة وإحراج في تأليف «حكومة التناقضات» خاصة بين حزب الله والقوات اللبنانية وحزب الله وتيار المستقبل، علماً أيضاً أنه نقل عن الرئيس نبيه بري أنه ورغم معارضته لعون والحريري، وإذا قرر التعاون يريد الإحتفاظ بوزارة المالية ووزارات اساسية أخرى. أمّا الإنجاز الأكبر يكون بالتقارب بين حزب الله والقوات اللبنانية من خلال وزراء الفريقين وفي هذه المسألة دور كبيريلعبه الرئيس عون.
في لبنان ألف مصيبة ومصيبة ومن يدفع الثمن بالمرتبة الأولى هوالشعب اللبناني من حيث نسبة الفقر والبطالة المرتفعة جداً والهجرة القصرية، وبالمرتبة الثانية مصداقية لبنان في المحافل الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي... خاصة فيما يختص بالفساد ما يؤثر سلباً على مرتبة لبنان لدى الشركات الإئتمانية كـMoody's & S&P حيث مرتبة لبنان الآن هيB2 negative وهي مرتبة سيئة جداً لا تشجع على الإستثمار في لبنان وخلق فرص عمل جديدة.
ويقولالمصدر انه «صنع في لبنان» رئيساً للجمهورية، آتٍ من رحم معاناة شعب لبناني لم يرتاح منذ العام 1975 وبداية الحرب الأهلية واحتلال العدوالإسرائيلي والوصاية السورية حيث كان يتم تعيين الرؤساء والوزراء والنواب من خارج الحدود، وهذه بداية جيدة جداً. أمّا الآن وإكمالاً لنهج الاصلاح، فمن الضروري لا بل من الواجب على الطبقة السياسية موالية كانت أم معارضة الإلتفاف حول رئيس الجمهورية للقضاء على الفساد وبداية عملية نهضة بالوطن والمواطن اقتصادياً واجتماعياً ولا ننسى أبداً حالة البنى التحتية المزرية في لبنان كالكهرباء والمياه والأنترنت وحالة الطرقات...
ويؤكد المصدرالرفيع أن العماد عون مصمم على القضاء على الفساد والمحسوبيات لدرجة أنه تعهد أمام كل من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وأمام السيد حسن نصرالله والدكتورسمير جعجع والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وغيرهم أنه سيبدأ بتطبيق الدستور والقانون يبدأ على نفسه وعلى أقربائه قبل المطالبة بتطبيقهما على أي شخص أو مسؤول آخر.
ويقول المصدر أنّ القوات اللبنانية والدكتور سمير جعجع قدّما تضحيات كبيرة في حالة غير متوقعة من قبل الجميع وأمّن الشرعية المسيحية للعماد عون كي يصبح رئيساً للجمهورية ولن ينسى ذلك الرئيس عون.
يقول المصدر أيضاً أنّ عملية الاستنهاض بالوطن تمر عبرقانون إنتخابي عصري يمثل أفضل التمثيل للشعب اللبناني بعد تجاربهم مع المجلس الممدد مرتين ويؤكد المصدرأنّ العماد عون تخلى إلى غير رجعة عن القانون الارثوذكسي ومصرّ على النسبية وأنّ قانون الإنتخاب يضعه مجلس الوزراء ويصوت عليه مجلس النواب ولا تضعه طاولات حوار، كما أكد الرئيس انه يحق للمجتمع المدني والشباب والمثقفين بتبوء مراكز هامة في الدولة.
ويقول المصدر أن للتيار الوطني الحر برنامجاً اقتصادياً اجتماعياً على صعيد كل لبنان، وقال أن فريق عمل الرئيس الحريري سيتولى بكل شفافية تطبيق البرنامج الاقتصادي والإجتماعي المؤلف من 17 بنداً بإشراف كل من الرئيس عون ومجلس الوزراء ومجلس النواب، واكد أن الرئيس سيتعاطى مع الجميع حتى معارضيه كأب حنون وصارم في نفس الوقت ولن يرحم الفاسدين مهما علا شأنهم وأكد المصدرأن العماد عون قال أمام مقربين منه «أصبحت عجوزاً لكن أُريد أن يسجل اسمي في التاريخ كالرئيس الذي قضى على الفساد ونهض بلبنان وبشعبه».
وعلى خط متواز، لا شك أنّ الرئيس نبيه بري هورجل دولة ورجل وطني بامتياز وهو أيضاً أبّ للجميع. فهو محنّك سياسياً لدرجة أن ليس لديه أعداء في الداخل والخارج وهو قيمة مضافة للبنان. هو رجل التنمية في الجنوب عبر صندوق الجنوب بمشاركة ودعم حزب الله وكتلة الوفاء للمقاومة. فالثنائي الشيعي حرر الجنوب من المحتل العدوالصهيوني وأقاما مشاريع ثقافية كالمدارس والمعاهد والجامعات والمكتبات وجمعيات خيرية، وطوّرا البنى التحتية كالطرقات والحدائق العامة... والجميع واثق أن لبنان لن ينهض دون مشاركة بري إلى جانب الرئيس عون ورئيس الحكومة.
يقولون لا يوجد Chemistry بين الرئيسين عون وبري وأنّ هذا الأخير له عتب على العماد عون بعدم إعترافه بالتمديد للمجلس النيابي، فلماذا لا نتطلع إلى ما يجمع بينهما، تقول مصادر متابعة لحراك الرجلين، فهما رجلا دولة، وطنيان، مناضلان، قائدان، رجلا تسوية، يتمتعان بشخصية قوية، واثقان من نفسيهما، حليفا حزب الله... لذلك من مصلحة لبنان أنّ يتصالحا وينضم بري ليكون حليف الرئيس عون ورئيس الحكومة. أمّا المصدر في التيار فيؤكد أنّ عون لا يريد العودة إلى ما يسمى «بالترويكا». ففي عهده سيطبق الدستور ولكل رئيس دوره في إدارة البلاد، وإذا شعر الرئيس أنّ الطائفة المسيحية مغبونة في الدستور فلن يتردد في المطالبة بتعديل اتفاق الطائف باتجاه إعطاء المزيد من الصلاحيات لموقع رئاسة الجمهورية، وتمنى المصدر من جميع القوى السياسية موالية ومعارضة التعاون مع العهد وبين بعضها البعض لمصلحة نهضة لبنان لكن في الحياة الديموقراطية لا بد من وجود معارضة نتمنى أن تكون معارضة بنّاءة. فالرئيس ميشال عون إنسان وكل إنسان معرض لارتكاب أخطاء لهذا السبب نتمنى على المعارضة أن تنتقد وتكشف الأخطاء كما نتمنى على الرئيس ميشال عون أن يتقبل ويستوعب انتقادات المعارضة بكل رحابة صدر وأن يصحح مساره إذا كان مخطئاً والإعتراف أنه اخطأ. كما نتمنى أن يتعاون مع الوسائل الإعلامية ومع الصحافيين والمحررين بروح رياضية وأنّ يتقبل الانتقادات منهم بكل رحابة صدر.
وفي الملف الخارجي، على رئيس الجمهورية أنّ تكون علاقاته مع عواصم القرار جيدة جداً تقول اوساط متابعة، وأعني بعواصم القرار كل من واشنطن وموسكو وباريس والفاتيكان ودمشق والرياض وطهران فلا يمكن ولا يجب على لبنان الرسمي أن يتدخل في صراع المحاور، ولا يجب أن يكون للبنان الرسمي بلد عدو سوى العدو الاسرائيلي، لأن الدياسبوراDiaspora والمصالح اللبنانية موجودة في جميع أنحاء العالم.
لكن بعد الانسحاب السوري من لبنان عام 2005 وزيارة البطريرك الراعي والعماد عون والرئيس الحريري سوريا، لم يعد نظام الرئيس بشار الأسد عدولبنان. وهل نسي البعض أنّ في اتفاق الطائف من نصب سوريا وصية على لبنان هما واشنطن والرياض؟؟
كما لبنان بحاجة إلى النظام السوري لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم خصوصاً بعدما تبين جلياً أنّ محور موسكو - طهران - دمشق - حزب الله هوالمنتصر ميدانياً في سوريا وخصوصا في حلب ما سينعكس إنتصار سياسياً للنظام السوري في أي مفاوضات رغم كلام البعض عن تقسيم سوريا والمنطقة.
اخترنا لكم



