بقلم المحامي لوسيان عون
مهما اشتد الخلاف بيننا وبين حزب الله ، وهو يمثل شريحة واسعة من النسيج اللبناني ، فلا بد من التنويه بما استولده من نتائج المعركة الرئاسية حتى الساعة ، حتى كيفما استدارت بوصلة النتائج سواء في 31 من الجاري أم بعدها من تواريخ ، فان ” الانتصارات ” الوهمية التي تعلن هنا وهناك من العديد من الاطراف السياسية تبقى لا تتعدى ” هيصة ” و ” زلغوطة ” في عرس سرعان ما سينفخت دفّه ويتفرق عشاقه في اليوم التالي ، ولن تتعد فرحة ” العرسان ” وضيوفهم الاكارم شهر العسل المحدود لتنتظر الجميع الاستحقاقات المرّة والقاتلة ربما في خضم هذا الهيجان السياسي الذي تتخبط فيه المنطقة بدءاً من التأليف ، مروراً بالبيان الوزاري ، وليس وصولاً الى أخذ ثقة المجلس النيابي .
وحده حزب الله عرف كيف ” يزرع ” ، وكيف ” يحصد ” بل كيف ” يدوزن ” معركته السياسية ، بحيث يخرج منها منتصراً ومسلفاً مواقف ووقفات ” تاريخية ” لبعض حلفائه ، منظماً ” فواتير” لا تعدّ ولا تحصى وها هو يستحوذ على تنويه أمل وفرنجية والتيار العوني ومن كان يدور في فلك 8 آذار ، فضلاً عن مباركة الحلفاء الجدد ممن كانوا في 14 آذار وها هم يطبلون ويزمرون ويهللون لمرشح 8 آذار .
وحده عرف كيف ومتى يلتزم الحياد ، وكيف ومتى يدير المعركة ، وكيف يستقطب الاقطاب والحلفاء ،
وحده عرف كيف يفرض حساباته وأجندته ومعادلاته على الجميع من بينهم القوات اللبنانية ،
وحده عرف كيف ينأى عن التنازل عن اي من مسلماته ،
وحده عرف كيف يجرّ من شن حروباً ضده لتأييد العماد عون
وحده من أوقع سواه في فخ الاستدارة من موقع الى موقع آخر
وحده لم يطالب بحقائب وزارية ولم يقاسم أحداً على ” الجبنة ” الحكومية
وحده الذي سجّل أكبر كمّ من المطالبات بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية ،
وهو الذي دون سواه سيفرض شاء الآخرون أم أبوا ” ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة ” على صلب البيان الوزاري ويدرجها ضمن بنوده
وحده الذي فرض حيثية على التركيبة الجديدة تمنعها من مطالبته بسحب عناصره من الداخل السوري
وحده الذي أثبت ولست سنوات مقبلة أن قرار السلم والحرب يمتلكه هو دون سواه
وحده الذي سمح ولامد قصير، وبشروطه هو أن يتولى الرئيس الحريري مقاليد رئاسة الحكومة
وحده الذي طوّب بالامس الرئيس بري رئيساً للمجلس النيابي الى سنوات مقبلة وقطع الطريق على اي من ينافسه
وحده الذي حفظ ماء الوجه مع المرشح سليمان فرنجية
وحده الذي ضمن عدم التطرق لسلاحه في الداخل والخارج لست سنوات مقبلة
وما عدا ذلك ،
ما أكثر الخاسرين في لعبة كان الظفر فيها وحيداً لحزب الله ، فيما الصراعات بين الاجنحة والتيارات داخلها وخارجها كالجمر تحت الرماد تنتظر المحتفلين بفوز ” مفخخ “
وما أكثر المفلسين الذين استلموا بالامس شيكات بلا رصيد فقهقهوا وضحكوا ورقصوا وشربوا وسكروا طويلاً في عرس يخشى أن يتحوّل عاجلاً الى مأتم ، والتجارب مريرة في هذا المضمار ،
لن تكون نهاية حتماً وهو ما كنا نتمناه دوماً ،
لكنها اعادة عقارب الساعة الى الوراء ،
انها الميل الاول في مسيرة الالف ميل ،
انها عناوين لا تفارق اللبنانيين في حياتهم ورزقهم وعيشهم يومياً ،
فساد وبؤس وهجرة وفقر وبطالة وافلاس وانحطاط وانفلات أمني وكوارث اجتماعية واقتصادية تنتظر عهداً يخيّل للبعض أنه السحر الآتي على بساط الريح ،
لكن ثمة من انتصر لمشروعه السياسي وضمن عهداً مديداً من الحرية والتحرّك فيما ثمة منتصرين سيواجهون الحصار عاجلاً في ظل معارضة شرسة من كل الاطياف والطوائف والمذاهب والمشارب ،
وما أسهل أن تعارض في وطن يعبق بروائح الفساد والعقبات والانحلال ، لكن ،
ما أصعب أن تحكم وتنشل سفينة من قعر البحر ، وقد أكلها الصدأ ونخرت الحيتان هيكلها ، ولم يبق الا تلك السارية ” المجنزرة ” التي كانت يوماً تحاكي مجداً غابراً ، وياطراً لم يجلب لها الا مزيداً من الثقل الذي أغرقها في قعر البحر
أما بعد ، وقد نكون في صفوف المعارضة ، كما حزب الله يومأً ، فاننا لن نألو جهداً في معارضة الفساد والفاسدين أنى كانوا ، كما في المقابل سنكون أول الداعمين لمكافحي الفساد والهدر والصفقات والسمسرات ،
انه قدرنا في السلم وفي الحرب ، في الموالاة أم في المعارضة ،
ولمن يتساءل ما هو سقفنا ، انه الدستور والقانون ، وليتحمل من أراد تحمّل المسؤولية الجسيمة حاضراً أمام الله والتاريخ ، لاننا لن نرحم ، كما التاريخ .
اخترنا لكم



