"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح:
كانت مميزة تلك السيارة البرتقالية التي كانت تلطم جدران بنشعي أمس. ذكيٌ كان ذلك الفيديو الذي نشره زعيم تيّار المردة، المرشح للإنتخابات الرئاسية، الوزير سليمان فرنجية، حيث عرف كيف يوجه الرسائل دون كلام.
سيارة برتقالية تلطم الجدران. تذهب يمنياً ويساراً، تبحث عن مخرج لا تجده، تعيد الكّرة، تتجه صوب الجدران مجدداً، تفقد أعصابها، تبدأ بالالتفاف حول نفسها لتعود مجدداً لتواجه الجدران. مشهدية قريبة من فيلم الرئاسة، حيث تصل السيارة إلى نهاية الطريق فتصطدم بحائط أمامها، أو بجدارٍ إسمنتي مرفوع، تذهب نحو البحث عن طرق أخرى وبدائل علّها تجد ضالتها من خلال الصفقات والحوار فيخرج إليها حائط ثانٍ، يسعى من يقود دفة تلك الجهة إلى قيادتها نحو طريقٍ آمن فلا يجده فيشتاط غضباً ويبدأ برمي كلامه يمنياً ويساراً، يفتل حول نفسه تماماً كإلتفاف السيارة حول نفسها وفي النهاية يعود إلى لطم الحائط مطبراً الرأس من جديد دون أن يقدر له أن يرى الطريق الذي هو واضحٌ أمامه!
من يقود تلك السيارة في بنشعي يعرف جيداً أنه لا يصح لمن يقود السيارة البرتقالية السير فيها بهذه الطريقة حتى تضيع هكذا في زواريب الطرقات! يفترض أن هناك أناسٌ على جانبي الطريق يصلح سؤالهم عن الطريق المثالي للعبور، يصح أيضاً ترك الـ"ريموت كونترول" جانباً والإعتماد على النظر، لأن التحكم من بعيد لن يصل بالسيارة إلى مبتغاها وسيوقعها في وادٍ، وادٍ عميق لن تخرج منه إلا مثقلة.
عموماً صغر حجم السيارة وإن كانت مرنة في اللعب على الجدران، لكنها لن تصل إلى مجال رؤية أكبر، لأن طولها المحدود يخفي عنها الكثير في الأعلى من الذي جديرٌ أن ينظر إليه، ليست المشكلة بصغر حجم السيارة تلك، أساساً ليست المشكلة في من يمسك ذلك الـ"ريموت"، بل في محدودية إستراتيجياتها الغير ناجعة التي لا تؤهلها لإيجاد المعبر السليم، لأنها بإختصار، ترى المسافات بناءً على حدود نظرتها وليس أكثر. كان يمكن أن يكون صغر الحجم ذلك متمتعاً بمجال مناورة أوسع يعرف كيف يجد الطريق المناسبة دون تكسير الجدران والنفس لكن المكابرة تدفع للقيادة بجنون وتحمل نتائج ذلك التهور.. وطالما أن القيادة على هذا المستوى، سيبقى الإرتطام بالجدران ثمة ساكني هذا البيت.
اخترنا لكم



