ليبانون ديبايت - أمين ابو يحيى
من الصعوبة بمكان أن تكون مواطناً يعيش في لبنان ولا يتحدث ولا مرة عن التوتر.
توتر ينسحب على الكثير من القضايا الإجتماعية والسياسية والحياتية اليومية.
ولذلك عندما إنطلقت مدونة " موتورة " الساخرة قبل سنتين حازت على إعجاب اللبنانيين لأسباب عديدة من بينها قربها من الناس والتحدث بلغتهم ومخاطبة مشاكلهم، فالجميع متوتر وموتور بسبب كل شيء.
للأسف ، المدونات في لبنان ليس لها الحظ الكبير في الإنتشار فقرر المسؤول عن " بلوغ موتورة " الإنتقال إلى ساحة تعبير أوسع وأسرع وهي وسائل التواصل الإجتماعي التي تسمح بتفاعل أكبر مع الناس خاصة في الموقع الأشهر في لبنان وهو فايسبوك.
صفحة " موتورة " تختصر لنا حال البلد بشكل موجع وتقدمه بقالب من السخرية والضحك حد الدموع من خلال منشورات إنتقادية للفنانيين والسياسيين والظواهر الإجتماعية في مجتمع لبناني تغلفه المظاهر ويخفي عيوباً كثيرة وحماقات لا تغتفر.
" موتورة " تشعرك بأنها جالسة في منزلها تضع رجلا على رجل وتهزها بعصبية وهي تشعل سيجارة متفرغة للسخرية من شخصيات عامة بطريقة تدفعك للضحك والتفكير بالفعل بممارسات هؤلاء بطريقة مختلفة.
أكثر من 70 الف شخص يتابعون منشوراتها التي تتضمن الهجاء غير الجارح بل ذلك الذي يحمل في طياته رسالة فيها إيقاظ لوعي الناس ومنبه لما يجري حولهم من أحداث في السياسة والفن والمجتمع.
يقف وراء الصفحة شخص غير " موتور" أبداً ولا متوتر .. بل شخص هادىء وعقلاني يدرك جيدا أنه قادر على إحداث تغيير في عقل الناس وتوجهاتهم. شاب لبناني يعيش أزمات البلد كباقي الشباب ويحاول أن يتعامل معها بهذا المنطق من النقد الساخر الذي يعتبر " فشة خلق " لكل شخص يشعر بالقرف من الطبقة السياسية التي أوصلت البلد إلى حافة الإنهيار.
هو وصفحته أصبحا حديث الناس ومنشوراته يتم تبادلها بين الناس عبر إعادة النشر وإعادة الإرسال مجددا من خلال " واتساب " الذي حوله اللبنانيون لوسيلة تواصل إجتماعي.
رافقوني في هذا اللقاء مع الشخص الذي يقف وراء ضحكاتنا ووجعنا الساخر في نفس الوقت :
- ما لا يعرفه الناس ربما أن شخصية " موتورة " الإفتراضية إنطلقت من خلال مدونة بنفس الإسم قبل فترة .. لماذا قررت الإنتقال بها إلى ساحة وسائل التواصل ؟
صحيح .. البداية كانت قبل سنتين مع مدونة على الإنترنت بهذا الإسم كنت من خلالها إنتقد الأفلام اللبنانية التي كانت تعرض في صالات السينما وكيفية الترويج لها من قبل أبطال الفيلم بطريقة مزرية وفيها الكثير من الإذلال والتذلل أمام المشاهد عندما كان الممثلون يطلبون من المشاهد أن يشاهد هذا الفيلم بطريقة تصل حد تقبيل " الأيدي " عبر إعلانات الفيلم.
ثم تنوعت الكتابات عن الفنانات والأغاني الهابطة ومشاكل أهل الفن مع الإعلام وغير ذلك من القضايا، لكن المدونات على ما يبدو ليست في صلب إهتمامات أغلب اللبنانيين فقررت الإنتقال إلى عالم وسائل التواصل الإجتماعي وتحديدا فايسبوك ولكن بنفس الخط الإنتقادي الساخر وأذكر من بين الأعمال التي حازت على إعجاب الناس هو فيديو الفنانة مي حريري وهي تشرح للمذيع الباكستاني في مقابلة كيفية عمل " التبولة " بلغة إنكليزية ركيكة. وقد وصل الفيديو إلى معظم الناس وتم نشره على نطاق واسع هذا ما شجعني على الإستمرار والتنويع في ما أنشره من مواد. وأدين لهذا القرار بالإستمرار لأول 100 شخص تابعوني على الصفحة وهذا أفرحني جدا ً.
- لماذا هذا الإسم وهذه الصورة بالتحديد على صفحة موتورة ؟
أنا بالإجمال شخص هادىء أحاول أن لا أتوتر ولكن كل ما حولنا كلبنانيين يدفعنا للتوتر سواء من أزمات السياسة والخلافات بين السياسيين إلى أزمات السير والنفايات والتركيبات والصفقات التي تتم على حسابنا ونحن غير قادرين على فعل أي شيء. وكلمة توتر موجودة في قاموس اللبنانيين وهكذا إنطلقت بالإسم. أما الصورة فهي تعبير عن التوتر وهي تمثل شخصية غاضبة وتعيش حالة من القرف والإنزعاج والسخط على كل شيء كحالنا جميعاً لا سيما من الوضع السياسي الذي يدور في حلقة مفرغة منذ أكثر من سنة.
- الملاحظ إن أكثر منشوراتك سياسية على عكس صفحة صديقتك " عديلة " التي تتعامل مع الفنانات ؟
أنا من المتابعين للأوضاع السياسية بالإجمال مثل معظم اللبنانيين ولهذا تستفزني المواقف السياسية وكل الأحداث المرتبطة بالملفات السياسية التي لها علاقة بحياتنا ومصيرنا. والعديد من القضايا التي أكتب عنها في صفحة موتورة تكون مستوحاة من تصريحات معينة أو أحداث تجد لها صدى على وسائل التواصل الإجتماعي.
- هل يكون توتر " موتورة " على صفحاتها بشكل يومي او اسبوعي ؟
إجمالا لا أحبذ كثرة المنشورات في يوم واحد ولكن أحيانا أضطر إلى نشر موضوعين في نفس اليوم بحسب متابعتي لما يجري حولنا من أحداث مفاجئة سياسية او غير سياسية وأيضاً بحسب الفكرة التي تكون قد إكتملت عندي والتي قد أرى أنها مناسبة أ، يتم نشرها في هذه اللحظة وإلا فلا داعي للنشر.
- تستوحي موضوعاتك من وسائل التواصل أو من خلال الناس ؟
أتابع وسائل التواصل طبعاً التي تعكس مزاج الجمهور وأرائه ولكنني لا أنشر قصص مكررة ولذلك قبل نشر أي فكرة اتأكد من أن أحدا لم ينشرها قبلي وهذه مهمة صعبة للغاية ولكنني أسعى للتميز كي احافظ على الإستمرارية. غالباً ما اقتبس أفكاراً من الخارج من اشخاص في الولايات المتحدة أو أوروبا وأحولها إلى قصص لبنانية تناسب مجتمعنا.
هل تنزعج من إحتمال ولادة صفحات شبيهة بصفحتك على وسائل التواصل ؟
لا أنزعج من الفكرة وأتوقعها دائماً. ولكن الفكرة تدفعني للتحدي أكثر والمنافسة بالأفضل والقلق لأنها باتت مسؤولية أن تكون مسؤولاً عن صفحة يتابعها الألاف وتؤثر بأفكارهم وتوجهاتهم.
- هناك تركيز مؤخراً على الوضع السياسي في صفحة موتورة .. لماذا ؟
لأن هذا ما يزعجني في الوقت الراهن وضع البلد وخلافات الطبقة السياسية الشخصية على حساب هموم الناس ومشاكلهم الحقيقية وعدم الإهتمام بحق المواطنين في عيش كريم خال من التلوث على الأقل. أنا فعلياً لا أنزعج من الفنانين بل من السياسيين ولهذا أوجه سهام النقد لهم بشكل أو بآخر.
- هل تزعجك التعليقات وردود الفعل المسيئة على ما تنشره بحق هذا السياسي أو تلك الفنانة ؟
دائماً هناك أشخاص يسيئون بتعليقاتهم إنا بسبب تقديس للشخص الذي يتعرض للإنتقاد أو بسبب الجهل لما اقصده على صفحة موتورة. أنا لا ارد على الشتائم والتجريح ولكنني أتجاوب مع النقد البناء والمنطقي. وقد يدفعني رأي منطقي وحقيقي أن أحذف منشور معين أو صورة معينة إذا إقتنعت بأنني لم أوفق بالفكرة أو أنها وصلت بطريقة مغايرة. وهناك أراء حقيقة تجعلني أعيد النظر في الكثير من المنشورات وحتى طريقة التفكير ببعض القضايا.
- من المسؤول عن ما ينشر على الصفحة إلى جانبك .. هل تستعين بأصدقاء ليكونوا بمثابة ناقدين قبل أن تبادر إلى النشر ؟
بالإجمال ليس لدي أشخاص معينين ألجأ إليهم. هناك دائما أشخاص حولي في مكان عملي يتابعون فكرة اكتبها أو " بوست " معين أعمل عليه فيتبرعون برأيهم .
- ما هي المواقف المضحكة التي تتعرض لها في حياتك اليومية بسبب " موتورة " ؟
في الكثير من الجلسات يقوم بعض الأشخاص بعرض منشورات موتورة علي ويقولون لي " شفت شو منزلة موتورة اليوم " دون أن يعلموا أنني الشخص المسؤول عنها أو يقوم آخرون بإرسال " بوستات " موتورة إلي عبر واتساب لإضحاكي .. ويكون رد فعلي بالضحك معهم مجددا ً دون أن أكشف لهم من يقف وراء الصفحة .. ( يضحك )
- هل يقارن المتابعون بينك وبين صفحة عديلة ؟
عديلة صديقة موتورة .. والمسؤول عن صفحتها كما بات يعرف الجميع هو صديق شخصي لي منذ سنوات ودائماً تحصل مقارنة بيننا ولكن هناك إختلاف كبير بين الصفحتين لأن " عديلة " هي صفحة فنية بإمتياز تتعامل مع الفنانات أكثر من موتورة، ولذلك لا مجال للمقارنة فلكل صفحة صيغتها وتوجهاتها.
- إذا التقت موتورة وعديلة كشخصيات إفتراضية فما هي المواضيع التي يمكن أن يتناقشا بها ؟
( يضحك ) .. هما تلتقيان دائما على نقد الظواهر الفنية غير المقبولة وأداء بعض الفنانات أو تصريحاتهن أو حتى ظهورهن في البرامج او الحفلات .. أما في السياسة ف " عديلة " لا تحب مناقشة مواضيع سياسية وهمها إثارة المشاكل مع الفنانات ( يضحك ) ..
- وكصديقين بماذا تتحدثان عندما تلتقيان ؟
دائماً ما نختلف على ما ينشر على صفحاتنا .. ننتقد بعضنا أو نراقب ردات فعل الناس على صفحتينا .
- هل يطلب منك سياسيون معينون مهاجمة شخصيات سياسية منافسة ؟
لم يحصل ذلك أبدا ً وحتى لو حصل لن أدخل في هذه المتاهات. لا اشجع سياسي على آخر بل اشجع قضايا إنسانية لا سيما عندما يطلب مني أن انشر صورة لحملة تبرع بالدم أو طلب مساعدة مالية لشخص يحتاج لعملية .. عموماً هي قضايا إنسانية دائما ما انشرها على صفحتي لأن الصفحة متابعة والرسالة تصل أسرع.
- هل تفكر بالإنتقال إلى الإعلام المرئي من خلال الصفحة ؟
سبق وعرضت علي هذه الفكرة من أكثر من برنامج كوميدي ترفيهي ولكن ليس بتحويل الصفحة إلى برنامج بل من خلال المشاركة في إعداد هذه البرنامج وبالفعل كانت لي مشاركة قصيرة ضمن برنامج هشام حداد لكن هذه المشاركة توقفت للاسف بسبب إنشغالي بعملي ولأنني شعرت بأن التلفزيون مسؤولية كبيرة تحتاج للتفرغ كي يكون العمل متكاملا وناجحا وهي تجربة مثمرة بالنسبة لي ولو كانت قصيرة.
- متى قد تأخذ القرار بإقفال الصفحة نهائيا ً ؟
هذه الفكرة غير واردة حالياً .. ولكنها تقفز إلى الذهن من وقت لآخر وقد يحصل ذلك إذا تركت لبنان بشكل نهائي لأن موضوعات موتورة مستوحاة من هموم الناس عن قرب ..
- هل تحمل " موتورة " رسالة تريد تقديمها للناس ؟
طبعا الصفحة تحمل رسالة وهي التغيير في ذهنية الأشخاص حيال قضايا معينة مطروحة ودفع الناس للتفكير بطريقة مغايرة من خلال الأفكار التي أقوم بطرحها. وأريد أن أقول للمتابعين أن هذه الصفحة كما شعارها هي صفحة للهجاء الساخر اي ان الجملة التي اكتبها المقصود منها هو عكسها تماماً والهدف يبقى إضحاك الناس والتوعية في نفس الوقت وهي مهمة ليست سهلة أبداً .
اخترنا لكم



