الآن، وبعد ما صدر تقرير جون شيلكوت البريطاني، عن مشاركة بريطانيا في الحرب ضد العراق عام 2003، تنوعت التحليلات السياسية عن دوافع ونتائج هذه الحرب، خصوصاً ان التقرير لم يتهم أحداً، لكنه يؤكد على ضعف دواعي الحرب، وعدم وجود معلومات مؤكدة بأن العراق كان يملك أسلحة الدمار الشامل رغم أن ترسانة السلاح الكيماوي الذي كان لديه يعتبر دولياً من أسلحة الدمار الشامل.
ويبدو أن التفاعل مع نتائج تقرير شيلكوت انصب على سلاح الدمار الشامل، وترك مسائل أخرى كانت لها أهمية في اتخاذ قرار الحرب، مثل التخلص من نظام صدام وزمرته، وعدوانه على جيرانه، والنيل من حقوق وكرامة الإنسان العراقي، ومعاناة العراقيين على مدى أكثر من ثلاثة عقود من القهر والاستبداد. ورغم هذه الدوافع وغيرها، لا أحد يعرف لماذا تأخر صدور التقرير أكثر من سبعة أعوام. ولماذا التعويل على بعض الأسباب دون غيرها من عوامل حتمت التخلص من صدام وزمرته، وتحريرالعراق من ديكتاتوريته وبطشه الذي طال الجميع؟ لقد قال توني بلير وكذلك جورج بوش الابن،ان العالم من دون صدام أفضل للسلام، ولاستقرار العراق، ولمشاركة مختلف طوائفه في الإعمار والتشييد.
ومن الغرابة، أن البعض استنبط من تقرير شيلكوت ان الحرب على العراق ولّدت تنظيم «داعش»، وهو تفكير ساذج ليس له اساس، خصوصاً ان الحرب انتهت منذ 13 سنة، لم يتمكن خلالها العراق من بناء جيشه وترسية نظامه الجديد، والتخلص من مآسي الحرب وتداعياتها، لأنه كان وما زال في حالة من الضياع والتدخلات الخارجية. فكيف لـ «داعش» أو اخوته من الفصائل المتحاربة، ان تكون في قمة نشاطها وقوتها، بينما هي لم تظهر بهذه القوة إلا في السنوات الأربع الاخيرة أو حتى أقل من ذلك؟
تشير التحليلات السياسية والاستراتيجية، إلى ان بروز «داعش» بدأ مع الحرب في سورية، كقوة محاربة للطوائف الأخرى، وضد الفصائل السنية، وبالذات في سورية، ثم تطورت استراتيجية قتاله لتتمدد في العراق، خصوصاً احتلاله للمصادر النفطية والمدن العراقية التي تشكل ثقلاً جيوسياسياً واقتصادياً. ومع كل ذلك، لا احد يعرف اليوم على وجه التحديد، مصدر تشكل «داعش» والأسباب الحقيقية لتكوينه، سوى تلك الآراء المختلفة التي يتحدث عنها السياسيون والعسكريون من أن «داعش» هي «القاعدة»، أو أنها تشكيلة أخرى لجماعات حزب البعث العراقي، أو انها فرقة أنشأتها إيران والنظام السوري، أو أنها من صنع أميركا وإسرائيل تهدف لاحداث تغييرات جيوسياسية في المنطقة تساعد في عدم حل الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، وتشجيع إسرائيل على احتلال المزيد من الأراضي العربية لتوطين الفلسطينيين فيها كحل نهائي لمشكلتهم. وبقدر ما هنالك أهمية لمعرفة كيفية التخطيط لـ «داعش» ونمو قوتها، لا بد من الإقرار بان صناعة التنظيم ذكاء ودهاء عندما تجعل الطائفة السنية تحارب نفسها وتدمر وجودها من أجل مصلحة أعدائها.
لذلك، لم تكن الحرب على العراق لاحتلاله، وإنما كانت تحركاً دولياً لتخليص العراق من ديكتاتورية صدام واعوانه، من أجل اتاحة فرصة للعراقيين بأن يعملوا على تشييد نظام جديد يرتكز على مفاهيم السلام والديموقراطية والنهضة... فهل ما يجري في العراق، يصب في مصلحة الاستقرار أم أن الأمور ستزداد سوءاً في ظل الأزمات المتلاحقة، خصوصاً زيادة التقاتل بين الطوائف، والتدخلات الخارجية التي ترى أهمية في تفكيك العراق وتقسيمه إلى أكثر من دولة؟
اخترنا لكم

اقليمي ودولي
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥

اقليمي ودولي
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥

اقليمي ودولي
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥

المحلية
الاثنين، ٢١ نيسان ٢٠٢٥