خلال العهد العباسي، كان "ملك الزمان" يجمع الشعراء في ليلةٍ ما من كل شهر على الأقل تحت مسمى "سوق عكاظ" ليفتح مباراة مدحٍ للسلطان بالشعر فيتبارى الشعراء بين بعضهم لتقديم أفضل قصيدة إثراء تعجب الحاكم فيفوز صاحبها بجائزة "الدنانير" وإعجاب الملك الذي ولأجل الفائز يجمع الشعراء على طاولة كانت تمتد من قصرٍ إلى قصر يعبأ الجميع بطونهم!.
أمّا في زماننا هذا، فتحول "كازينو لبنان" إلى مقرٍ شبيه بإمارات أولئك السلاطين في الزمن الغابر يحكُمها سلطان تتساقط منهُ الدنانير يميناً وشمالاً، وبات الشُعراء بمملكة العجائب، صِغار الموظفين في بلاط الميسر، ينهلون من ما يقدمه، ويعملون على تلميعِ صورته وتظهيره بمظهر المظلوم الذي لا يملك سوى "لا حول ولا قوة إلا بالله".
مشهدية مؤتمر "نقابة ألعاب الميسر والقمار" في الكازينو التي خصصت لتلميع صورة الحاكم، والتي شهدت على همروجة شتائم لموقع "ليبانون ديبايت" وناشره الأستاذ ميشال قنبور، تعيد إلى الأذهان مشهدية الحاكم الجالس على عرشٍ طويل يعتقد أنها لا ولن يهتز، فتأتي الريح لتضرب أساساته، فينبري الحاكم لشحذ همم رعيته (الموظفين على مبدأ الكازينو) لكي يمسكوا بما يمكن إمساكه عساه لا يهوي، وإن ذاقت به السبل فيبدأ برمي الشتائم يميناً وشمالاً كون "الغريق قد يمسك بعود لإنقاذ نفسه!".
المؤتمر الذي قاطعه أحزاب "التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، وحركة أمل" فضلاً عن "نقابة موظفي الكازينو" مرّ سيئاً على السيد المتحدث الذي لم يستطع إلا رمي إغراءاته على الطاولة كي يؤمن حشداً معقولاً يحافظ فيه على ما تبقى من ماء وجه. إنتهى المؤتمر بحفلة الشتائم والإتهامات التي وإن دلت، فهي تدل على أننا محقين بالإتهامات المبنية على وثائق وبراهين. ولكي يرد الجميل، أخذ جميع الحاضرين إلى نيل الجائزة التي كانت عبارة عن حفل غذاء بأحد المطاعم الفاخرة - باهضة الثمن - الموجودة قرب الكازينو، كتقدير على الخدمة!!.
ربما لم "يرش" الملك الدنانير هنا، ولم يشحذ همم الشعراء، لكن الأكيد أنه إستشعر الخوف حتى إنبرى عطوفاً إلى هذا الحد مع موظفين، سحقوا في مؤسسة أصاب من على رأسها الجشع!.
اخترنا لكم



