لم يستطع رئيس الوزراء المغربي «عبدالإله بن كيران» مغالبة دموعه فأجهش بالبكاء على الهواء في تعليقه التلفوني التلفزيوني على الجريمة التي وقعت قرب الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة قبل أسبوع، ولم يُتم المكالمة وأنهاها مضطرا، بعدما اختنق صوته بسبب بكائه.
مشاعر إنسانية نبيلة تستحق التقدير، وتوقير صاحبها، والالتفات إلى نبله، ورقة أحاسيسه، وسمو أخلاقه.
ورغم استقبال الكثيرين لمشاعره الفياضة وإنسانيته بالتعاطف والإشادة والتقدير، فإن قلة عابثة ناقصة الضمير أو ربما معدومته، راحت تستهزئ بذلك الدمع، وتستصغر تلك الأحاسيس النبيلة التي أبداها الرجل، ومستنكرة دموعه وبكاءه على ضحايا الحرم النبوي الشريف، وراحت تعايره ببكائه على شهداء الحرم دون غيرهم.
وفتحوا له صفحات ضحايا حوادث أخرى، سائلين إياه باستخفاف: لماذا لم تبك على ضحايا الحادثة الفلانية، والأخرى، والثالثة، وهكذا أقاموا سرادق عزاء ودعوه للبكاء!
هل بإمكان الإنسان الوقور والصادق التحكم في دموعه؟ وهل دموعه أو بكاؤه، فعل إرادي يتحكم هو فيه؟ أم أنه فعل لاإرادي، وليس من السهل السيطرة عليه؟!
هل يذرف الإنسان دمعه ساعة يشاء، ويكفه ساعة يشاء، إذا ما كان هذا الدمع صادقا، وليس دموع تماسيح، تذرف لغرض وتكفكف لغرض؟!
ومن أخبر أولئك الشامتين أنه لم يبك على ضحايا الحوادث التي ذكروها، وما أدراهم أن الرجل لم يبك؟ وهل يتعين عليه إذا ما تأثر من جريمة نكراء خلفت ضحايا، أن يدعو كاميرات التلفزيون والصحافة لتشهد دمعه وبكاءه؟!
ما أسخف أولئك المتصيدين المتربصين الذين لا يستطيعون السمو بأنفسهم حتى في المواقف الإنسانية النبيلة. والذين يقدمون شماتتهم قبل تعاطفهم وإنسانيتهم.
إن ضحايا الإرهاب الذين يصرعهم الموت المجنون، لهم المكانة نفسها، ولهم التعاطف نفسه في نفوسنا، وحزننا موزع عليهم بالتساوي، أينما كان موقع قتلهم، وأيا ما كان انتماؤهم العقدي أو العرقي، ولأن «ابن كيران» رجل ملتزم دينيا، فهاله أن تطاول نار الإرهاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدينته المنورة، فهي جريمة مزدوجة، ففضلا عن ضحاياها، تأتي قدسية المكان الذي وقعت فيه، ورمزيته الدينية لدى عموم المسلمين، فكيف إذن برجل متدين تمثل له المدينة المنورة قدسا مقدسا؟!
اخترنا لكم



