منذ تحول الثورة السورية إلى أزمة مسلحة، بفعل آلة القتل الأسدية، وتدخل إيران و«حزب الله»، وبعد ذلك التدخل الروسي، وكله لمحاولة إنقاذ نظام بشار الأسد، فإن المعادلة بالأزمة السورية لا تقوم على حقن الدماء، ولا التوصل لحلول سياسية، وإنما هي لعبة الوقت.
الأسد يعّول على الوقت، ومثله الإدارة الأميركية، وكذلك الإيرانيون، والروس. الأسد يعّول على الوقت لقتل كل محاولة دبلوماسية تفاوضية، أملاً بالنجاة من كل محادثات بوأدها، ومن ثم محاولة تحقيق نجاح على الأرض، ودائًما يفشل. بالنسبة للإيرانيين، وميليشياتهم الإرهابية من «حزب الله» وغيره، كانوا، ولا يزالون، يعّولون على عامل الوقت وذلك من أجل محاولة صمود نظام الأسد، وضمان عدم سقوطه، وكذلك إنجاز الاتفاق النووي مع أميركا، والمجتمع الدولي، ومن أجل تعزيز حظوظ إيران بالحصول على أفضل اتفاق ممكن في سوريا، وذلك كجني أرباح للاتفاق النووي الدولي.
بالنسبة للروس هم يعّولون على عامل الوقت أيًضا، لكنهم لا يريدون المماطلة أكثر لأن ذلك مكلف اقتصاديا وعسكرًيا، وسياسيا، والأهم داخلًيا بروسيا، ويعّول الروس على إنجاز اتفاق قبل رحيل أوباما، حيث يقتنع الروس، وهم محقون، بأن أي رئيس أميركي قادم لن يقدم لهم تنازلات كما يفعل أوباما الآن، ولن يكون، أي الرئيس الأميركي القادم، بضعف أوباما، فإما المتهور دونالد ترامب، وبالتالي صعب توقع ما يمكن أن يفعله تجاه سوريا، أو هيلاري كلينتون ولديها مواقف مسبقة، ومتشددة، تجاه الأزمة السورية، ولذا فإن الروس يعّولون على اتفاق ينجز في عهد أوباما نظًرا لقناعتهم بأنه سيمنحهم الكثير، وهذا ما يتأمله الإيرانيون أيًضا.
أما الإدارة الأميركية، وتحديًدا أوباما، فقد كان واضًحا منذ فترة طويلة أنه يريد أن تكون سوريا مشكلة من يأتي بعده، حيث لا يريد فعل شيء بسوريا، وكل ما فعله شكلي، ومحاولة منه للنأي بالنفس عن الأزمة السورية أكثر من المساعدة في حلها، ورغم كل التهديد الأمني الذي تشكله الأزمة للمنطقة، والمجتمع الدولي، من «داعش» وخلافه، فأوباما آثر الابتعاد عن الأزمة السورية لكي لا تعطل اتفاقه النووي مع إيران، وكذلك بسبب سلبيته في تقدير حجم عواقب ما يحدث بسوريا على المنطقة والمجتمع الدولي.
ولذلك يلحظ أن إدارة أوباما تتحدث عن روسيا، وتعّول عليها، أكثر من حديث الأسد عن روسيا، أو حديث إيران عن الدور الروسي، الذي ربما يقلق طهران أكثر من كونه يريحها. ولذا، ورغم كل الجرائم غير المسبوقة في حلب من قبل آلة القتل الأسدية، ورغم إعلان إيران بالأمس عن مقتل 13 مستشاًرا عسكرًيا لها هناك، نجد أن إدارة أوباما لا تكترث بأزمة حلب الإنسانية، ولا تداعياتها الأمنية والسياسية على سوريا والمنطقة، وبدلاً من التحرك، واستخدام أدوات مؤثرة فإن إدارة أوباما تلجأ للرئيس الروسي مما يقول لنا إن كل شيء الآن بات معلًقا بلعبة الوقت، وحتى معرفة الرئيس الأميركي القادم، ولحظة دخوله البيت الأبيض.
اخترنا لكم



