"ليبانون ديبايت" - المحرر السياسي

هل انتقل "إشغال" إسرائيل في الجنوب إلى "اشتغال" إسرائيل بالساحة الداخلية، ونقل كرة النار إلى الداخل الذي بات يقف على عتبة موجة من الحوادث الأمنية "المشبوهة" والمتنقلة بين منطقة وأخرى، مستهدفةً طوائف معينة، في محاولة واضحة لاستثمار مناخ الإنقسام عشية 13 نيسان ذكرى اندلاع الحرب بين اللبنانيين التي دامت عشرات السنوات وانتهت مع اتفاق الطائف.

وبعدما قفز الهاجس الأمني إلى صدارة الإهتمامات السياسية الداخلية، تراجعت كل الملفات الأخرى، وفي مقدمها الملف الرئاسي، حيث تكشف أوساط نيابية مطلعة، عن أن الإستعدادات التي كانت تحصل أخيراً لتأمين انطلاقة قوية للمبادرات والتحركات الهادفة إلى حسم مبادرتي كتلة "الإعتدال الوطني" كما سفراء اللجنة الخماسية، قد تفرملت بفعل التطورات الأخيرة.

وعليه، لا يبدو أنه بعد انتهاء فترة الأعياد، ستعود الساحة الداخلية إلى طبيعتها، حيث أن استقرار المواجهات على الجبهة الجنوبية، يؤشر إلى أن القادم من الأيام سيكون شبيهاً بما سبق من عمليات على امتداد الأشهر الستة الماضية، ولكن مع إضافة عنوانٍ جديد يختصر المشهد الداخلي بعنوان واحد هو العنوان الأمني، حيث تعترف الأوساط النيابية، بأن ما كان يتطلب قبل شهر رمضان مبادرةً تشاورية ولقاءً ومبادرة على غرار مبادرة "الإعتدال"، بات اليوم يتطلب تهدئةً للشارع والنفوس، ووساطة محلية أو ربما خارجية، من أجل استعادة معادلة الإستقرار "الهش" الذي كان سائداً قبل جريمة قتل منسّق "القوات اللبنانية" في منطقة جبيل باسكال سليمان، وقبل الحملة على السوريين الخارجين عن القانون، وقبل ارتفاع حدة الخطاب السياسي وليس الطائفي رغم أن البعض يصبغ تعابيره بالطائفية.

لم يعد البحث في الإستحقاق الرئاسي أو في الملفات المالية أو في انتظام عمل المؤسسات الدستورية، أمراً ملحاً بل أصبح يقترب من "الترف" السياسي، وهو ما يدفع بالمصادر النيابية إلى التساؤل حول "المستفيد الأكبر" من هذه الخربطة الأمنية من حيث الشكل ولكنها سياسية في الجوهر كونها تحول أنظار اللبنانيين عن العناوين الأساسية والمصيرية وتدفع نحو تدنّي اهتماماتهم من انتخاب الرئيس إلى تأمين سلامتهم وأمنهم اليومي، ومن مواجهة أي عدوان إسرائيلي موسع على لبنان إلى مواجهة عصابات السرقة أو الخطف أو القتل، أو حتى "الموساد" الإسرائيلي ربطاً بجريمة قتل الصراف محمد سرور.